للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الإمام أحمد رحمه الله بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: الحنيفية السمحة (١)».

نعم، لقد جمعت الشريعة الخاتمة محاسن الرسالات السابقة، وفاقتها كمالا وجلالا. قال الحسن البصري رضي الله عنه: (أنزل الله مائة وأربعة كتب، أودع علومها أربعة: التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان (القرآن) ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان) (٢) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

(إن القرآن قرر ما في الكتب المتقدمة من الخبر عن الله وعن اليوم الآخر، وزاد ذلك بيانا وتفصيلا، وفصل الأدلة والبراهين على ذلك، وقرر نبوة الأنبياء كلهم ورسالة المرسلين، وقرر الشرائع الكلية التي بعث بها الرسل كلهم، وجادل المكذبين بالكتب والرسل بأنواع الحجج والبراهين، وبين عقوبات الله لهم، ونصره لأهل الكتب المتبعين لها، وبين ما حرف منها وبدل، وما فعله أهل الكتاب في الكتب المتقدمة. وبين أيضا ما كتموه مما أمر الله ببيانه، وكل ما جاءت به النبوات بأحسن الشرائع والمناهج، التي نزل بها القرآن، فصارت له الهيمنة على ما بين يديه من الكتب من وجوه متعددة، فهو شاهد بصدقها وشاهد بكذب ما حرف منها، وهو حاكم بإقرار ما أقره الله، ونسخ ما نسخه، فهو شاهد في الخبريات حاكم في الأمريات، ومن تأمل ما تكلم به الأولون والآخرون في أصول الدين والعلوم الإلهية، وأمور المعاد والنبوات والأخلاق والسياسات والعبادات، وسائر ما فيه كمال النفوس وصلاحها وسعادتها ونجاحها، لم يجد عند الأولين والآخرين من أهل النبوات ومن أهل الرأي كالمتفلسفة وغيرهم إلا بعض ما جاء به القرآن) (٣).


(١) مسند الإمام أحمد ج١ ص ٢٣٦.
(٢) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ج٣/ ٣٣٦.
(٣) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ج١٧/ ٤٤، ٤٥.