للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية:

(يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم عليه الصلاة السلام إلى عيسى عليه الصلاة والسلام لما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة، وبلغ أي مبلغ، ثم جاء رسول من بعده - ليؤمنن به ولينصرنه، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته؛ ولهذا قال تعالى وتقدس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} (١) الآية وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما: ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه. وقال طاوس والحسن البصري وقتادة: أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا، وهذا لا يضاد ما قاله علي وابن عباس ولا ينفيه بل يستلزمه ويقتضيه) (٢).

ويروي الإمام أحمد في مسنده بسنده عن عبد الله بن ثابت قال: «جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: إني مررت بأخ لي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة، ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، قال: فسري عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى - عليه السلام - ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين (٣)».

وللحافظ أبي يعلى: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم إما أن تصدقوا بباطل، وإما أن تكذبوا بحق، وإنه والله لو كان موسى بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني (٤)».


(١) سورة آل عمران الآية ٨١
(٢) تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير رحمه الله تعالى ج ١/ ٣٧٧، ٣٧٨.
(٣) مسند الإمام أحمد ج ٣ ص ٤٧١.
(٤) مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٣٨).