للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن تطبيق شريعة الله سيحول دون صرف الناس عن التصورات الخاطئة فكرا وسلوكا، تلك التصورات التي يروج لها دعاة الفساد في كل زمان ومكان ويتخذونها وسيلة من وسائل محاربة الإسلام، وأداتهم في ذلك تسخير وتشجيع فئات تدخل في المفاهيم الإسلامية أغاليط وأكاذيب وتلفيقات ومبتدعات ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يعرفها الصدر الأول من المسلمين. إن تطبيق الشريعة الإسلامية لا يعد نفلا ولا تطوعا ولا محض اختيار، إنما هو الإيمان أو فلا إيمان قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (١) الآية وما نشاهده في مجتمعاتنا المعاصرة اليوم من الويلات المتلاحقة والنكبات المروعة والمشاكل المحزنة والأوضاع المخزية التي لا حصر لها، لا مصدر لها سوى البعد عن الله والصد عن الحكم بما أنزل الله وصدق الله العظيم القائل:

{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (٢) إننا إذ نقرر هذا ونحن نتحدث عن هذا الوضع المزري لكثير من الدول التي تنتسب للإسلام وقلوبنا تعتصر ألما لما يشهده العالم الإسلامي من ضياع وتمزق وتفكك ومحن وإحن، لنا إذن أن نتساءل ما الذي أدى بنا إلى هذا الحد؟ ولماذا آل أمر المسلمين إلى هذا الوضع من التمزق والتناحر والمصائب والكوارث، على الرغم من تلك المؤتمرات التي تعقد والندوات الإسلامية التي تقام إلى جانب البحوث المتخصصة، والتي كلها تنادي بضرورة تحكيم شرع الله في أرض الله، وحمل الناس على العمل به، ولكن تذهب مع الريح أو يزج بها في زوايا النسيان، ولا تخرج عن حيز التوصيات التي لا تعدوها إلى التنفيذ؟ إن لذلك أسبابا عدة:


(١) سورة الأحزاب الآية ٣٦
(٢) سورة الأعراف الآية ٩٦