للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولا: ضعف الوازع الديني لدى الكثير من المسلمين والذي بدا ظاهرة فاشية عندما انتشر الجهل بأحكام الإسلام، وانعدمت التربية الدينية في مختلف الأوساط، وتزعزع كيان الأمة الإسلامية، وسيطر الظلم وانتشر الجور، واستبدت بالحاكمين الأهواء، وسيطر عليهم أعداء الإسلام، واستدرجوهم حتى ركنوا إليهم في جانب من أهم جوانب حياتهم، وراحوا يستبدلون بشرع الله القوانين الوضعية، التي هي معول هدم وأداة دمار وشنار على الأمة الإسلامية، فبدل أن يكون الحق وحده ملزما والنظام الخير الكامل الشامل متبعا ومطبقا، تكون العادات السيئة محكمة والأعراف البائدة مملية للتشاريع، وما دامت تتفق ومصالح الإنسان العاجلة فسيعلن رضاه عنها وتجاوبه معها وقبوله لها، وإن أحس منها تعارضا مع مصلحته وحائلا لتحقيق رغباته ونزواته، ألقاها عن عاتقه وطرحها معلنا براءته منها، وإن حاد به ذلك عن الحق وخالف به ناموس العدالة.

إن نقل الأمة عن مثل هذه المهازل والترهات أمل حتمي على كل من تولى أمر المسلمين وصارت إليه قيادتهم وريادتهم، وإلا فماذا يقول غدا بين يدي جبار السماوات والأرض سائلا له عن تفريطه وضياعه لرعيته وتقصيره في سعادة من ولاه الله عليهم، حقا سيندم ولات ساعة مندم.

ثانيا: ما يثار حول تطبيق الشريعة الإسلامية من شبه يقصد منها تعطيلها، وأول هذه الشبه اتهام التشريع الإسلامي بالجمود وعدم مسايرته لتطورات العصر، وتلك فرية دبرها أعداء الإسلام للنيل منه، وأنى لهم ذلك! وهذا دليل على مدى الحقد الدفين للإسلام وأهله، وهو منهم تصور خاطئ ينهض على ركام كبير من الجهالة بأحكام الإسلام وشريعة الإسلام. فقد مضى بنا أن شريعة الإسلام ما جمدت في عصر أو تخلفت عن ركب التقدم في دولة، وإنما هم أنفسهم الذين جمدت عقولهم وعميت أبصارهم عن الحق والصواب {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (١).

إن


(١) سورة الكهف الآية ٥