للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنسوخه ومكيه ومدنيه، وغير ذلك مما يندرج تحت ما يسمى بعلوم القرآن الكريم.

وقد عد الدكتور حاتم صالح الضامن محقق كتاب (الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى) لقتادة بن دعامة السدوسي واحدا وسبعين مؤلفا في هذا الباب (١) مما يدل على عظم شأن هذا العلم من علوم كتاب الله العزيز، وأنه مدخل من أهم مداخل تفسيره، والبحث في لجته والغوص في أعماقه.

يدل على ذلك ما ذكره العلماء اتفاقا من أن معرفة هذا العلم واجبة على كل من تصدى لتفسير القرآن الكريم، أو استنباط الأحكام منه، أو تصدى للإفتاء أو للقضاء بين الناس؛ لئلا يوجب على خلق الله ما لم يوجبه الله عليهم، أو يسقط عنهم أمرا أوجبه عليهم. فقد روى ابن عبد البر بسنده عن يحيى بن أكثم قال: (ليس من العلوم كلها علم هو واجب على العلماء وعلى المتعلمين وعلى كافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه؛ لأن الأخذ بناسخه واجب فرضا، والعمل به واجب ديانة، والمنسوخ لا يعمل به ولا ينتهى إليه، فالواجب على كل عالم علم ذلك؛ لئلا يوجب على نفسه وعلى عباد الله أمرا لم يوجبه الله، أو يضع عنهم فرضا أوجبه الله) (٢) اهـ.

وقال الإمام العلامة مكي بن أبي طالب القيسي في كتابه (الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه) ص ٤٥ (نشر دار المنارة): (وإن من آكد ما عني أهل العلم والقرآن بفهمه وحفظه والنظر فيه من علوم القرآن، وسارعوا إلى البحث عن فهمه وعلمه وأصوله علم ناسخ القرآن ومنسوخه، فهو علم لا يسع كل من تعلق بأدنى علم من علوم الديانة جهله). اهـ.

وقد قال علي رضي الله عنه: (لا يفتي الناس إلا من عرف الناسخ والمنسوخ) (٣). وروي عنه رضي الله عنه أنه دخل المسجد فرأى رجلا يذكر


(١) كتاب الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى ص ١٠.
(٢) الناسخ والمنسوخ لعبد القاهر البغدادي ص ١١.
(٣) الناسخ والمنسوخ لعبد القاهر ص ٣٣.