للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس فقال له: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا. قال: فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه. وفي لفظ آخر أنه قال له: من أنت؟ قال: أنا أبو يحيى قال: بل أنت أبو اعرفوني (١) وجاء عنه في خبر آخر أنه رضي الله عنه مر بقاض فقال له: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت (٢) وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بالحكمة في قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} (٣) هو معرفة ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره ونحو ذلك (٤) وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي (ابن راهويه) رحمه الله: (من لم يعرف الصحيح والسقيم من الحديث والناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة لم يكن عالما) (٥) وقال أبو يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة رحمهم الله فيمن يتصدر لمهمة الإفتاء: (لا يحل له أن يفتي حتى يعرف أحكام الكتاب والسنة والناسخ والمنسوخ وأقاويل الصحابة والمتشابه ووجوه الكلام) (٦).

فمن ذلك تظهر لنا قيمة هذا العلم وأهميته البالغة لعموم المسلمين، ولمن تصدى منهم لتفسير كتاب الله أو للقضاء، أو لفتيا على وجه الخصوص؛ إذ حاجة هؤلاء إليه أمس، وضرورة إحاطتهم به أشد.

وسأحاول في هذه العجالة المتمثلة في هذا البحث المتواضع عن (النسخ في القرآن الكريم) أن ألم بكامل الموضوع إلمامة عجلى، فأوضح معنى النسخ في اللغة وفي الاصطلاح، ثم أذكر الفرق بينه وبين التخصيص. ثم أشير إلى


(١) مقدمة الدكتور حاتم الضامن في تحقيقه لـ (ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه) لابن البارزي ص ٥.
(٢) مقدمة الدكتور حاتم الضامن في تحقيقه لـ (ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه) لابن البارزي ص ٥.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٦٩
(٤) زاد المسير لابن الجوزي ج ١ ص ٣٢٤.
(٥) الناسخ والمنسوخ للبغدادي ص ٣٤.
(٦) هامش محقق الناسخ والمنسوخ ص ٣٤.