للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويزوج توأمة الآخر لهذا، وهكذا إقامة لاختلاف البطون مقام اختلاف الآباء والأمهات والأنساب، ثم حرم الله ذلك بإجماع المتدينين من المسلمين واليهود والنصارى وغيرهم.

٣ - إن الله تعالى أمر إبراهيم بذبح ولده - عليهما السلام - ثم قال الله له لا تذبحه وقد اعترف منكرو النسخ بذلك.

٤ - إن عمل الدنيا كان مباحا يوم السبت لليهود ومنه الاصطياد ثم حرم الله الاصطياد على اليهود باعترافهم.

٥ - إن الله أمر بني إسرائيل بقتل من عبد العجل منهم ثم أمرهم برفع السيف عنهم (١) إلى غير ذلك من الأدلة السمعية التي تقوم بها الحجة على منكري النسخ من اليهود والنصارى.

وأما أمثلة النوع الثاني وهو الذي تقوم به الحجة على منكري النسخ من المسلمين ومن يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم كالعيسوية من اليهود فهي كثيرة أيضا، وأوردنا طرفا منها في مستهل هذا الفصل نقلا عن الإمام العلامة مكي بن أبي طالب القيسي في كتابه (الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه) (٢).

ويتبين مما ذكرناه أن أهل الأديان على مذاهب ثلاثة في النسخ:

أولها: إنه جائز عقلا وواقع سمعا. وعليه إجماع المسلمين من قبل أن يظهر أبو مسلم الأصفهاني ومن شايعه، وعليه أيضا إجماع النصارى من قبل معاصريهم الذين خرقوا الإجماع وركبوا رءوسهم فأنكروا النسخ؛ ليصلوا من هذا الإنكار إلى بقاء ديانتهم بجانب الديانة الإسلامية بدعوى أن الشريعة لا تنسخ الشريعة قبلها، وهو رأي العيسوية إحدى طوائف اليهود الثلاث.


(١) مناهل العرفان ج ٢ ص ١٩١.
(٢) انظر الفصل الرابع من هذا البحث.