للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنفع لهم في العاجل، وقد يكون أثقل وثوابه أكثر فيكون أنفع لهم في الآجل، وقد يستويان فتحصل المماثلة. وقوله {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١) يفيد أن النسخ من مقدوراته وأن إنكاره إنكار للقدرة الإلهية. وهكذا قوله {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٢) أي له التصرف في السماوات والأرض بالإيجاد والاختراع ونفوذ الأمر في جميع مخلوقاته فهو أعلم بمصالح عباده وما فيه النفع لهم من أحكامه التي تعبدهم بها وشرعها لهم، وقد يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأزمنة والأشخاص، وهذا صنع من لا ولي لهم غيره ولا نصير سواه، فعليهم أن يتلقوه بالقبول والامتثال والتعظيم والإجلال. ثم قال رحمه الله في آخر تفسيره لهذه الآية: وقد ثبت في البخاري وغيره عن أنس: «أن الله أنزل في الذين قتلوا في بئر معونة (أن بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا (٣)» ثم نسخ. وهكذا ثبت في مسلم وغيره، عن أبي موسى قال: كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني حفظت منها (ولو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثا ولا يملأ جوفه إلا التراب) وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات أولها (سبح لله ما في السماوات) فأنسيناها غير أني حفظت منها (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألوا عنها يوم القيامة) وقد روي مثل هذا من طريق جماعة من الصحابة ومنه آية الرجم كما رواه عبد الرزاق وأحمد وابن حبان عن عمر (٤) اهـ.


(١) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٢) سورة البقرة الآية ١٠٧
(٣) صحيح البخاري المغازي (٤٠٩١)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٧٧)، سنن النسائي كتاب التطبيق (١٠٧٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢١٥).
(٤) فتح القدير للشوكاني ج١ ص ١٢٥ - ١٢٧.