للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجوزي رحمه الله في تفسيره عند كلامه على هذه الآية وللمفسرين في معنى الكلام قولان: أحدهما: لكل ملة جعلنا شرعة ومنهاجا فلأهل التوراة شريعة ولأهل الإنجيل شريعة ولأهل القرآن شريعة. هذا قول الأكثرين. قال قتادة: الخطاب للأمم الثلاث أمة موسى وعيسى وأمة محمد فللتوراة شريعة وللإنجيل شريعة وللفرقان شريعة يحل الله فيها ما يشاء ويحرم ما يشاء بلاء ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، ولكن الدين الواحد الذي لا يقبل غيره التوحيد والإخلاص لله الذي جاءت به الرسل. والقول الثاني: إن المعنى لكل من دخل في دين محمد جعلنا القرآن شرعة ومنهاجا. هذا قول مجاهد (١).

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (٢) وقال ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سبيلا وعنه أيضا " منهاجا " قال سنة. وكذا رواه العوفي عن ابن عباس {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (٣) سبيلا وسنة وكذا روي عن مجاهد وعكرمة والحسن البصري وقتادة والضحاك والسدي وأبي إسحاق السبيعي أنهم قالوا في قوله: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (٤) أي سبيلا وسنة. إلى أن قال رحمه الله بعد أن نقل قولا حكاه ابن جرير عن مجاهد: إن المخاطب بهذه الآية هذه الأمة، ومعناه لكل جعلنا القرآن منكم أيتها الأمة شرعة ومنهاجا أي هو لكم كلكم تقتدون به. . . إلخ. قال: (والصحيح القول الأول) ويعني به ما قاله قبل ذلك من أن هذا إخبار عن الأمم المختلفة الأديان باعتبار ما بعث الله به رسله الكرام من الشرائع المختلفة في الأحكام المتفقة في التوحيد، ويدل على ذلك قوله تعالى بعده: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} (٥) فلو كان هذا الخطاب لهذه الأمة لما صح أن يقول {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} (٦) وهم أمة واحدة ولكن هذا خطاب لجميع الأمم وإخبار عن قدرته تعالى العظيمة التي لو شاء لجمع الناس كلهم على دين واحد وشريعة واحدة لا ينسخ شيء منها، ولكنه تعالى شرع


(١) زاد المسير ج٢ ص ٣٧٢ - ٣٧٣.
(٢) سورة المائدة الآية ٤٨
(٣) سورة المائدة الآية ٤٨
(٤) سورة المائدة الآية ٤٨
(٥) سورة المائدة الآية ٤٨
(٦) سورة المائدة الآية ٤٨