للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما اتفق جميع الرسل في أصل الدين وهو توحيد الله وإسلام الوجه له بالإخلاص والإحسان. ثم استعرض معاني الشرعة والمنهاج في اللغة واستعرض ما أخرجه غير واحد من رواة التفسير المأثور في تفسير الآية إلى أن قال رحمه الله: وظاهر من قول قتادة أن الشريعة أخص من الدين إن لم تكن مباينة له وأنها الأحكام العملية التي تختلف باختلاف الرسل وينسخ لاحقها سابقها وأن الدين هو الأصول الثابتة التي لا تختلف باختلاف الأنبياء (١) اهـ.

٣ - الآية الثالثة التي نريد استعراض أقوال بعض المفسرين في تفسيرها مما استدلوا به على جواز وقوع النسخ هي قوله تعالى في سورة الرعد آية ٣٩ {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (٢) فقد قال أبو الفرج بن الجوزي عند تفسيره لهذه الآية: قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} (٣) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويثبت ساكنة الثاء خفيفة الباء. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي (ويثبت) مشددة الباء مفتوحة الثاء قال أبو علي: المعنى ويثبته فاستغنى بتعدية الأول من الفعلين عن تعدية الثاني.

واختلف المفسرون في المراد بالذي يمحو ويثبت على ثمانية أقوال، ثم مضى رحمه الله يعدد تلك الأقوال الثمانية وكلها لا صلة لها بمبحثنا إلا الثاني منها فهو المتعلق بموضوعنا حيث قال: والثاني أنه الناسخ والمنسوخ فيمحو المنسوخ ويثبت الناسخ روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وبه قال سعيد بن جبير وقتادة والقرظي وابن زيد وقال ابن قتيبة يمحو الله ما يشاء أي ينسخ من القرآن ما يشاء ويثبت أي يدعه ثابتا لا ينسخه وهو المحكم (٤) اهـ.

وقال الحافظ أبو الفداء بن كثير في تفسيره عند كلامه على هذه الآية


(١) تفسير المنار ج٦ ص٤١٣.
(٢) سورة الرعد الآية ٣٩
(٣) سورة الرعد الآية ٣٩
(٤) زاد المسير ج٤ ص ٣٣٧.