للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثا: اعتبروا كل قيد لآية من قبيل النسخ كقوله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} (١). فعده ابن خزيمة وغيره ناسخا لعموم المشركين في قوله {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (٢) مع أنه تخصيص بالقيد.

رابعا: إدخال كثير من الآيات الخبرية في باب المنسوخ مع أنه لا يجوز نسخ الخبر إلا إذا تضمن حكما شرعيا أما إذا كان خبرا محضا فلا، كما تقدم في موضعه من هذا البحث ومثاله ما قدمناه من اعتبارهم قوله تعالى {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (٣) و {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} (٤) منسوخا بآية الزكاة وليس كذلك ومثله أيضا قوله تعالى {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} (٥) حيث عدها هبة الدين بن سلامة منسوخة بقوله {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} (٦) وليس كذلك إذ هما خبران محضان لا يجري النسخ فيهما.

خامسا: اشتباه البيان بالنسخ عليهم كقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (٧) حيث عدها هبة الله بن سلامة منسوخة بقوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} (٨) الآية. ثم اعتبر هذه أيضا منسوخة بقوله: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} (٩) حيث قال: فصارت هذه ناسخة لقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} (١٠) الآية. وليس هذا بنسخ وإنما هو بيان لما ليس بظلم، وببيان ما ليس بظلم يتبين الظلم.


(١) سورة التوبة الآية ٦
(٢) سورة التوبة الآية ٥
(٣) سورة البقرة الآية ٣
(٤) سورة البقرة الآية ٢٥٤
(٥) سورة الشورى الآية ٥
(٦) سورة غافر الآية ٧
(٧) سورة النساء الآية ١٠
(٨) سورة البقرة الآية ٢٢٠
(٩) سورة النساء الآية ٦
(١٠) سورة النساء الآية ١٠