للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في المجتمعات الإسلامية المثالية تتقارب سلوكيات الأفراد ويقل بينهم التباين، فلا غرو أن يكون الطابع العام للمدرسة أقرب إلى الانسجام والتسامي، لوحدة التصور المهيمن على المدرسة كلها.

فإذا انتقلنا مع الزمن إلى واقع المدرسة اليوم نجد أنفسنا تلقاء شتيت من النفوس يقل فيه الانسجام الخلقي والنفسي، أشبه بسجن حشدت فيه أصناف النزلاء. . وضروب المستويات، من البرآء والصالحين، إلي الآخرين الذين ساقهم الإهمال والتخلف إلي أسوأ التصرفات. . . وليس من صلة بينهم سوى النظام الذي يفرض عليهم الاجتماع لسماع البلاغات وللقيام ببعض التمرينات.

إنها المساواة التي تفرضها " ديمقراطية التعليم " فلا مجال فيها للاختيار، والقيمة العليا فيها للموهبة المتفوقة والاجتهاد دون غيرهما، وهو وضع جميل لو خلا من التفاوت الكبير بين المستويات التربوية، أما والواقع على خلاف ذلك، فإن له سلبياته الخطيرة، إذ لا مندوحة عن تبادل المؤثرات بين التلاميذ، وقلما يكون الأفضل هو الغالب في مثل هذا الوسط، بل العكس هو الملموس في كل مكان، حتى في الحياة النباتية، حيث تكون التفاحة الفاسدة سببا لخراب صندوق من التفاح، ولم ير الناس قط تفاحة سليمة أصلحت أخرى مريضة.

ومن الأخبار التي نقلها الدكتور محمد أمين المصري رحمه الله عن أيام دراسته في أوروبا، ذلك التنظيم المنطقي الذي تقوم به المؤسسة التعليمية في بريطانيا، حيث تتولى هيئة علمية دراسة أحوال التلاميذ، فتختار منهم بعد تحقيق دقيق ذوي المواهب الفائقة، فتصنفهم حسب ميولهم الفطرية، ثم تتولى التدرج في سلم الدراسة، ومن هؤلاء تتخرج الفئة الحاكمة، وأصحاب الملامح العبقرية. . .

ولا جرم أن مثل هذا التنظيم المعقول جدير بأن يؤمن للأمة تقدمها العلمي واستقرارها السياسي، فلا تتعرض للانقلابات العسكرية، التي