للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما إذا كانت الدعوى الأصلية فاسدة، فهل يقبل دفعها من قبل المدعى عليه؟ الرأي الراجح عند الحنفية أن الدفع الصحيح للدعوى الفاسدة صحيح. فإن قيل: ما فائدة دفع الدعوى الفاسدة مع أن القاضي لا يسمعها؟! أجيب بأنه لو ادعاها على وجه صحيح يكون الدفع الأول كافيا (١) ومثال ذلك: لو ادعى مدع بدعوى دون تعيين المدعى به فدفع المدعى عليه هذه الدعوى الفاسدة بقوله: لقد أبرأتني من جميع الدعاوى، يقبل هذا الدفع منه، فإن أثبت المدعى عليه هذا الدفع وجب على القاضي ردها، ولا يبقى للمدعي حق في إصلاح دعواه من فسادها ودفعها مرة ثانية صحيحة (٢).

الشرط الثاني - عدم التناقض في الدفع، سواء كان التناقض مع كلام صادر عن الدافع في جواب الدعوى، أو في دفع آخر سبق أن أبداه، أم كان صادرا خارج مجلس القضاء، وهذا شرط في الدعوى -أيضا - ولكن حصول التناقض في الدفع أوسع نطاقا (٣).

الشرط الثالث: أن ينعكس الدفع على دعوى المدعي، بحيث يتعارض معها في حال ثبوته، كما في أمثلة دفع الدعوى السابق ذكرها، فإذا اختل هذا الشرط فإن الدفع لا يكون صحيحا، ومثال الدفع الفاقد لهذا الشرط: أن يدعي شخص على آخر مالا قائلا: إن هذا المال الذي في يد المدعى عليه ملك لي وأطلب تسليمي إياه، وبعد عرض الدعوى أجاب المدعى عليه بقوله: إن المدعي قد أقر بأن شخصا آخر قد أخذ


(١) نظرية الدعوى ٢/ ١٩١، البحر الرائق ٧/ ٢٣١
(٢) نظرية الدعوى ٢/ ١٩١، أصول استماع الدعوى ص٨٣
(٣) نظرية الدعوى ١٩٢