للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: «كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة نخلا وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب فلما نزلت قام أبو طلحة فقال يا رسول الله: إن الله يقول: وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين. قال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (٣)».

وكان عليه الصلاة والسلام يؤكد على التكافل بين المسلمين كلما زادت الحاجة إلى ذلك وفي الظروف الصعبة خاصة، وكان صلى الله عليه وسلم يحث ويأمر المسلمين تارة بالتكافل فيما بينهم وتارة يذكر أقواما يتكافلون فيما بينهم في أوقات الشدة مادحا لهم. فعن أبي سعيد الخدري قال: «بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له. قال فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له قال: فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل (٤)» وعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم (٥)»


(١) رواه البخاري في كتاب التفسير باب لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون .. ٥/ ١٦٩ - ١٧٠. ورايح أي رايح عليك نفعه. ورويت أيضا رابح
(٢) سورة آل عمران الآية ٩٢ (١) {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
(٣) سورة آل عمران الآية ٩٢ (٢) {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
(٤) رواه مسلم في كتاب اللقطة باب استحباب المؤاساة بفضول الأموال ٣/ ١٣٥٤. وقول أبي سعيد: (فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا) أى متعرضا لشئ يدفع به حاجته
(٥) رواه البخاري في كتاب الشركة باب الشركة في الطعام.٣/ ١١٠ ورواه مسلم ٤/ ١٩٤٤ - ١٩٤٥