للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أعطى الإسلام الصلاحية لولي أمر المسلمين أن يجمع من الناس فضل أزوادهم وأن يوزعها على من بلغت بهم الحاجة مبلغا شديدا بحيث إنهم لا يملكون شيئا من الطعام، فعن سلمة رضي الله عنه قال: «خفت أزواد القوم وأملقوا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم في نحر إبلهم، فأذن لهم فلقيهم عمر فأخبروه فقال: ما بقاؤكم بعد إبلكم. فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ما بقاؤهم بعد إبلهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم (١)».

وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على التكافل فيما بينهم بالبذل والصدقة على الفقير وبين في أحاديث صحيحة أن الصدقة لا تنقص المال بل تبارك فيه، وأن الذي يبقى حقيقة للإنسان هو ما تصدق به. فقال صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله (٢)» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة: اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله. فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقة يحول الماء بمسحاته. فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟ قال فلان، للاسم الذي سمع في السحابة. فقال له: يا عبد الله لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها؟ فقال: أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيها ثلثه (٣)» وعن عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها. قال " بقي كلها غير كتفها (٤).


(١) رواه البخاري في كتاب الشركة باب الشركة في الطعام.٣/ ١٠٩
(٢) رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب استحباب العفو والتواضع ٤/ ٢٠٠١
(٣) رواه مسلم في كتاب الزهد والرقائق باب الصدقة في المساكين ٤/ ٢٢٨٨ والحديقة: القطعة من النخيل. وتطلق على الأرض ذات الشجر. وتنحى أي قصد. والحرة: أرض بها حجارة سود كثيرة. الشرجة: جمع شراج وهي مسايل الماء في الحرار. والمسحاة: المعول.
(٤) رواه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع ٤/ ٦٤٤ وقال حديث صحيح