للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المهاجرين عرض سعد على أخيه عبد الرحمن أن يقسم ماله بينهما (١) ولم يقل أحد: إن فعل الصحابة من باب الإسراف بل ذكر في كتب المناقب على فضل هؤلاء الفاعلين، وكل هذا مما يضاعف فيه الأجر والثواب. قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (٢). وقد نقل ابن تيمية عن بعض السلف قولهم: (لو أنفقت درهما في معصية الله كنت مبذرا ولو أنفقت ملء الأرض في طاعة الله لم تكن مبذرا (٣) وقال ابن تيمية رحمه الله (والإنسان ليس له أن يصرف المال إلا فيما ينفعه في دينه أو دنياه وما سوى ذلك سفه وتبذير نهى الله عنه بقوله: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (٤). وقال رحمه الله أيضا: (والسفيه الذي يستحق الحجر عليه بفعل هذا أو هذا إما أن يبذل في المباحات قدرا زائدا على المصلحة أو يبذل في المعاصي وكلاهما تبذير) (٥).

ب - تحريم كنز المال: قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (٦) {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (٧).

وقد اختلف العلماء في المراد بالكنز في الآية وهل المال الذي أديت زكاته يسمى كنزا وقد روي عن الصحابة الرأيان والراجح أن المال الذي أديت زكاته لا يسمى كنزا. انظر تفسير القرطبي ٨/ ١٢٥ والإسلام إذ يحرم كنز المال وتعطيل ثروات الأمة فإنه يحث على استثمار المال بالطرق المشروعة ويبين لنا الله سبحانه أن كل ما يقوم به المسلم من نشاط اقتصادي


(١) روى ذلك البخاري في كتاب المناقب باب إخاء النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار ٤/ ٢٢٢
(٢) سورة البقرة الآية ٢٦١
(٣) نظرية العقد لابن تيمية ص١٨
(٤) سورة الإسراء الآية ٢٦
(٥) نظرية العقد لابن تيمية ص١٩
(٦) سورة التوبة الآية ٣٤
(٧) سورة التوبة الآية ٣٥