للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثالث هذه الغيوب تضمنه قوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} (١) {بِنَصْرِ اللَّهِ} (٢) فأخبر تعالى بأنهم سيفرحون في ذلك الوقت. وهذا من الغيب؛ لأنه خبر عن بقاء المؤمنين إلى ذلك الوقت مع قلتهم وضعفهم وطمع أعدائهم بهم إذ أن هذه الآيات نزلت قبل الهجرة بمكة. ثم إن ظفر المسلمين ببدر وقع في الوقت الذي ظفر فيه الروم على الفرس وعندها فرح المؤمنون بنصر الله.

هـ - ومن الغيب أيضا: إخباره سبحانه بأن أبا لهب وزوجه في النار وكانا آنذاك حيين، وبالفعل ماتا على الكفر ولم يؤمنا - ولو نفاقا ".

ووقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٣). فحفظ سبحانه كتابه من تحريف المحرفين ولا يزال محفوظا وسيبقى كذلك أيضا (٤).

ز - قال سبحانه: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (٥) فعصم سبحانه نبيه على كثرة من أراد ضره وقصد قتله (٦).

فهذه بعض المغيبات التي ذكرها الله في كتابه وكانت غيبا حين الإخبار بها ثم حصلت كما أخبر مما يدل بوضوح على أن الذي أخبر بها قبل وقوعها هو عالم الغيب والشهادة، فكانت هذه الأخبار وغيرها تحمل في طياتها براهين دامغة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم الذي اختاره الله تعالى لإنزال كتابه عليه.

وبعد هذا الحديث عن كتاب اله تعالى ووجوه الإعجاز فيه، وأنه معجزة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الباقية الخالدة على مدى الدهر والزمان أسجل - في هذا المقام - كلمة جامعة نافعة إن شاء الله للشيخ السيد سابق حول معجزة رسولنا الخالدة حيث قال:


(١) سورة الروم الآية ٤
(٢) سورة الروم الآية ٥
(٣) سورة الحجر الآية ٩
(٤) انظر عياض الشفا ١: ١٧٣
(٥) سورة المائدة الآية ٦٧
(٦) عياض الشفا: ١: ١٧٤: معترك الأقران ١: ٢٤٠، الزرقاني: مناهل العرفان ٢: ٢٦٦ - ٢٦٧