للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخوف: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (١) الآية. فأوجب الله سبحانه على المسلمين أداء الصلاة في الجماعة في حال الخوف، فيكون وجوبها عليها في حال الأمن أشد وآكد، وتدل الآية المذكورة على وجوب الإعداد للعدو والحذر من مكائده حتى في حال الصلاة كما قال سبحانه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (٢) الآية، فالإسلام دين العزة والكرامة والقوة والحذر والجهاد الصادق، كما أنه دين الرحمة والإحسان والأخلاق الكريمة والصفات الحميدة، ولما جمع سلفنا الصالح بين هذه الأمور مكن الله له في الأرض ورفع شأنهم، وملكهم رقاب أعدائهم، وجعل لهم السيادة والقيادة فلما غير من بعدهم غير عليهم كما قال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٣) وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (٤)». وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (٥)». وعن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رجلا أعمى قال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يلازمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (٦)». خرجه مسلم في صحيحه.

أما النساء فصلاتهن في بيوتهن خير لهن كما جاءت بذلك الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ذاك إلا لأنهن عورة وفتنة، ولكن لا يمنعن من المساجد إذا طلبن ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله (٧)». وقد دلت الآيات


(١) سورة النساء الآية ١٠٢
(٢) سورة الأنفال الآية ٦٠
(٣) سورة الرعد الآية ١١
(٤) صحيح البخاري الأذان (٦٤٤)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٥١)، سنن الترمذي الصلاة (٢١٧)، سنن النسائي الإمامة (٨٤٨)، سنن أبو داود الصلاة (٥٤٨)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (٧٩١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٣٧)، موطأ مالك النداء للصلاة (٢٩٢)، سنن الدارمي الصلاة (١٢١٢).
(٥) سنن أبو داود الصلاة (٥٥١)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (٧٩٣).
(٦) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٥٣)، سنن النسائي الإمامة (٨٥٠).
(٧) صحيح البخاري الجمعة (٩٠٠)، صحيح مسلم الصلاة (٤٤٢)، سنن الترمذي الجمعة (٥٧٠)، سنن النسائي المساجد (٧٠٦)، سنن أبو داود الصلاة (٥٦٨)، سنن ابن ماجه المقدمة (١٦)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٦)، سنن الدارمي المقدمة (٤٤٢).