للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المختلطة الصواب بالخطأ حكما واحد صوابا، لرجونا أن يكون اجتماع السير قرينة لإجماع الأمر برأي أمير المؤمنين وعلى لسانه، ثم يكون ذلك من إمام آخر الدهر إن شاء الله. انتهى.

قال (١) محمد سلام مدكور تعليقا على ذلك: غير أن هذا الاقتراح لم يجد له رواجا في ذلك الحين لإباء الفقهاء أن يتحملوا تبعة إجبار الناس على تقليدهم، وهم الذين يحذرون تلاميذهم التعصب لآرائهم، كما أنهم تورعوا وخافوا أن يكون في اجتهادهم خطأ، وليس هذا تقنينا وضعيا وإنما هم بصدد شريعة سماوية.

ب - محاولة الخليفتين أبي جعفر المنصور وهارون الرشيد مع الإمام مالك بن أنس.

١ - لما حج أبو جعفر المنصور سنة ١٤٨ هـ اجتمع بالإمام مالك، ودار بينهما بحث هذا الموضوع ونحن نسوق ذلك:

قال (٢) عيسى بن مسعود الزواوي في أثناء الكلام الذي دار بين الإمام مالك وبين أبي جعفر المنصور، قال مالك ثم قال لي: قد أردت أن أجعل هذا العلم علما واحدا أكتب به إلى أمراء الأجناد وإلى القضاة فيعملون به، فمن خالف ضربت عنقه. فقلت: يا أمير المؤمنين أو غير ذلك إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في هذه الأمة فكان يبعث السرايا، وكان يخرج فلم يفتح من البلاد كثيرا حتى قبضه الله عز وجل، ثم قام أبو بكر رضي الله عنه فلم يفتح من البلاد كثيرا، ثم قام عمر رضي الله عنه ففتحت البلاد على يديه فلم يجد بدا أن يبعث أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم معلمين، فلم يزل يؤخذ عنهم كابرا عن كابر إلى يومنا هذا فإن ذهبت تولهم عما يعرفون إلى ما لا يعرفون رأوا ذلك كفرا، فأقر أهل كل بلد على ما فيها من العلم وخذ هذا العلم لنفسك، فقال لي: ما أبعدت هذا القول اكتب


(١) المدخل للفقه الإسلامي ١٠٧.
(٢) مناقب الإمام مالك وهو فقيه المدونة ١/ ٢٥، ٢٦.