للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا العلم لمحمد.

وقال (١) الزواوي أيضا نقلا عن الشافعي: بعث أبو جعفر المنصور إلى مالك لما قدم المدينة فقال له: إن الناس قد اختلفوا في العراق فضع للناس كتابا تجمعهم عليه، فوضع الموطأ، وقال الزواوي أيضا: " وقال غيره " - أي الشافعي - إن أبا جعفر لما قال لمالك ضع كتابا في العلم نجمع الناس عليه، قال له مع ذلك: اجتنب فيه شواذ ابن عباس وشذوذ أبي عمر ورخص ابن مسعود، فقال له مالك: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين أن تحمل الناس على قول رجل واحد يخطئ ويصيب، وإنما الحق من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تفرقت أصحابه في البلدان، وقلد أهل كل بلد من صار إليهم فأقر أهل كل بلد على ما عندهم. وقال الزواوي تعليقا على ذلك: فانظر إنصاف مالك رضي الله عنه وصحة دينه، وحسن نظره للمسلمين، ونصيحته لأمير المؤمنين، ولو كان غيره من الأغبياء المقلدين والعتاة المتعصبين، والحسدة المتدينين لظن أن الحق فيما هو عليه، ومقصور على من ينسب إليه، وأجاب أمير المؤمنين إلى ما أراد، وأثار بذلك الفتنة وأدخل الفساد.

٢ - وفي سنة ١٦٣ هـ وقد ذهب أبو جعفر المنصور للحج مرة أخرى فأعاد عرض فكرته الأولى على الإمام مالك فاقتنع مالك - رحمه الله - ووافقه أبو جعفر - رحمه الله - يبين ذلك ما نقله جلال الدين السيوطي قال: وقال ابن سعد في الطبقات أخبرنا الواقدي قال: سمعت مالك بن أنس يقول: لما حج أبو جعفر المنصور دعاني فدخلت عليه فحادثته، فسألني فأجبته فقال: إني عزمت أن آمر بكتابك هذا الذي وضعته - يعني الموطأ - فينسخ منه نسخ ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة، وآمرهم أن يعملوا بما فيها ولا يتعدونه إلى غيره ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدث فإني رأيت أهل العلم رواة


(١) تزيين الممالك بمناقب مالك مع المدونة ١/ ٤٦.