أهل المدينة وعلمهم. فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا، فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورددوا روايات، وأخذ كل قوم مما سبق إليهم وعملوا به ودانوا به من اختلاف الناس وغيرهم وأن ردهم عما اعتقدوا شديد، فندع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم. فقال: لعمري لو طاوعتني على ذلك لأمرت به.
٣ - وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن عبد الحكم قال: سمعت مالك بن أنس يقول: شاورني هارون الرشيد في أن يعلق الموطأ في الكعبة، ويحمل الناس على ما فيه. . . إلخ، فقلت: يا أمير المؤمنين أما تعليق الموطأ في الكعبة فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في الفروع فافترقوا في البلدان وكل عند نفسه مصيب. . إلخ، فقال: وفقك الله يا أبا عبد الله.
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن إسماعيل بن أبي المجالد قال: قال هارون الرشيد لمالك: يا أبا عبد الله نكتب هذه الكتب ونفرقها في آفاق الإسلام، فنحمل هذه الأمة على ما فيها، فقال: يا أمير المؤمنين رضي الله عنك، إن اختلاف العلماء رحمة من الله على هذه الأمة كل يتبع ما صح عنده، وكل على هدى وكل يريد الله والدار الآخرة.
جـ - محاولة (١) محمد عالمكير: قال محمد سلام مدكور، وفي القرن الحادي عشر الهجري ألف السلطان محمد عالمكير أحد ملوك الهند لجنة من مشاهير علماء الهند برئاسة الشيخ نظام؛ لتضع كتابا جامعا لظاهر الروايات التي اتفق عليها في المذهب الحنفي، فجمعوا ذلك في كتاب معروف بالفتاوي الهندية، ومع هذا فلم يكن هذا الجمع شبه الرسمي ملزما للمفتين والقضاة، كما أن الجمع والتدوين والتبويب لم يكن على نمط التقنين، وإنما هي فروع فقهية واقعية ومفترضة تذكر فيها الآراء.