للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الشافعي ومالك فأوجبوا لها السكنى، والحديث قد صرح فيه بأنه لا نفقة لها ولا سكنى فخالفوه ولم يعملوا به، فإن كان الحديث صحيحا فهو حجة عليكم، وإن لم يكن محفوظا بل هو غلط - كما قال بعض المتقدمين - فليس حجة علينا في جمع الثلاث فأما أن يكون لكم على منازعيكم، وليس حجة لهم عليكم فبعيد من الإنصاف والعدل.

هذا مع أننا نتنزل عن هذا المقام، ونقول: الاحتجاج بهذا الحديث فيه نوع سهو من المجتمع به، ولو تأمل طرق الحديث، وكيف وقعت القصة لم يحتج به، فإن الثلاث المذكورة فيه لم تكن مجموعة، وإنما كان قد طلقها تطليقتين من قبل ذلك، ثم طلقها آخر ثلاث، هكذا جاء مصرحا به في الصحيح فروى مسلم في صحيحه عن عبيد الله بن عتبة - أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إلى اليمن، فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها - الحديث. . فهذا المفسر يبين ذلك المجمل وهو قوله " طلقها ثلاثا ".

وقال الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن فاطمة بنت قيس، أنها أخبرته أنها كانت تحت أبي حفص بن المغيرة، وأن أبا حفص بن المغيرة طلقها آخر ثلاث تطليقات، وساق الحديث وذكره أبو داود ثم قال: " وكذلك رواه صالح بن كيسان، وابن جريج، وشعيب بن أبي حمزة، كلهم عن الزهري.

ثم ساق من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الله قال: أرسل مروان إلى فاطمة، فسألها فأخبرته أنها كانت عند أبي حفص بن المغيرة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - على بعض اليمن، فخرج معه زوجها، فبعث إليها بتطليقة كانت بقيت لها وذكر الحديث بتمامه، والواسطة بين مروان وبينها هو قبيصة بن ذؤيب، كذلك ذكره أبو داود في طريق أخرى، فهذا بيان حديث فاطمة بنت قيس.

قالوا: ونحن أخذنا به جميعه، ولم نخالف شيئا منه إذ كان صحيحا صريحا لا مطعن فيه ولا معارض له فمن خالفه فهو محتاج إلى الاعتذار، وقد جاء هذا الحديث بخمسة ألفاظ " طلقها ثلاثا " و " طلقها البتة " و " طلقها آخر تطليقات " " وأرسل إليها بتطليقة كانت بقيت لها " و " طلقها ثلاث جميعا " هذه جملة ألفاظ الحديث. . وبالله التوفيق.

فأما اللفظ الخامس وهو قوله: " طلقتها ثلاثا جميعا " فهذا.

أولا: من حديث مجالد عن الشعبي ولم يقل ذلك عن العشبي وغيره، مع كثرة من روى هذه القصة عن الشعبي، فتفرد مجالد على ضعفه من بينهم بقوله: " ثلاثا جميعا " وعلى تقدير صحته فالمراد به أنه اجتمع لها التطليقات الثلاث، لا أنها وقعت بكلمة واحدة، فإذا طلقها آخر ثلاث، صح أن يقال: طلقها ثلاثا جميعا،