للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منافع دينية ومنافع دنيوية لا تدخل تحت حصر - ولهذا أجملها الله سبحانه ولم يحددها - ومنها ذكر الله في الأيام المعلومات والأيام المعدودات بالتكبير والتلبية والوقوف بعرفة والمزدلفة وذبح القرابين ورمي الجمار والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والمبيت بمنى والأكل والشرب من ضيافة الله في أيام التشريق، ومن منافع الحج العظيمة تعارف المسلمين حين التقائهم في تلك البقاع الطاهرة والمشاعر المقدسة في المسجد الحرام وفي صعيد عرفات وساحات مزدلفة وفج منى المبارك، يلتقون في زمن واحد، وفي مكان واحد، لأداء عبادة واحدة، لرب واحد: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (١).

استمر الحج بعد إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام، ولكن مع تطاول الزمن دخله بعض التغيير في عهد الجاهلية، فكانوا يضمنون تلبيتهم الشرك بالله عز وجل حيث يقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك) فجعلوا لله شريكا من عبيده يأنفون ذلك لأنفسهم. فرد الله عليهم بقوله: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (٢) وكانوا يطوفون بالبيت عراة ويرون أن ذلك طاعة أمر الله بها - فرد الله عليهم بقوله: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٣).

وأمر سبحانه باللباس وستر العورة في الصلاة والطواف وغيرهما فقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (٤) وكان سكان الحرم


(١) سورة الأنبياء الآية ٩٢
(٢) سورة الروم الآية ٢٨
(٣) سورة الأعراف الآية ٢٨
(٤) سورة الأعراف الآية ٣١