للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العنصريات الجاهلية والدعاية للأشخاص أو المذاهب أو رفع الصور للزعماء والرؤساء.

فإن هذا فعل أهل الجاهلية حيث كانوا يجعلون موسم الحج مجالا للمفاخرة بآبائهم وأمجادهم وغاراتهم وثاراتهم، فنهى الله عن ذلك وأمر بذكره قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} (١) قال الإمام الشوكاني: لأن العرب كانوا إذا فرغوا من حجهم يقفون عند الجمرة فيذكرون مفاخر آبائهم ومناقب أسلافهم، فأمرهم الله بذكره مكان ذلك الذكر. انتهى.

وأما الجدال فهو المخاصمة والمماراة والمنازعة وهو يشمل الجدال في موضع الحج كما كانوا في الجاهلية يختلفون في الموضع الذي يقفون فيه. فمنهم من يقف في عرفة ومنهم من يقف في المزدلفة ويشمل الجدال بمعنى المخاصمة التي توغر الصدور وتشغل عن ذكر الله، قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: وقوله: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (٢) أي يجب أن تعظموا الإحرام بالحج وخصوصا الواقع في أشهره، وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه من الرفث وهو الجماع ومقدماته والقولية، خصوصا عند النساء بحضرتهن.

والفسوق وهو جميع المعاصي ومنها محظورات الإحرام. والجدال وهو المماراة والمنازعة والمخاصمة لكونها تنشر الشر وتوقع العداوة، والمقصود من الحج الذل والانكسار لله والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات فإنه بذلك يكون مبرورا، والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل زمان ومكان فإنه يتغلظ المنع منها في الحج. . انتهى.


(١) سورة البقرة الآية ٢٠٠
(٢) سورة البقرة الآية ١٩٧