للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن مظاهر توحيد الله في الحج: أن الحاج حينما يفرغ من الطواف ويصلي الركعتين فإنه يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون وفي الثانية يقرأ سورة الإخلاص، لما تشتمل عليه هاتان السورتان من توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، ففي السورة الأولى البراءة من دين المشركين وإفراد الله بالعبادة. وفي السورة الثانية إفراد الله بصفات الكمال وتنزيهه عن صفات النقص، وبذلك يعرف العبد ربه ويخلص له العبادة ويتبرأ من عبادة ما سواه من خلال هذا الدرس العملي العظيم.

ومن مظاهر توحيد الله في السعي بين الصفا والمروة: أن العبد يسعى بينهما امتثالا لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (١).

ومن ذلك يتعلم المسلم أنه لا يحل السعي في أي مكان من الأرض إلا بين الصفا والمروة؛ لأنهما من شعائر الله وأن السعي بينهما إنما هو بأمر الله، فكل سعي في مكان غيرهما فليس عبادة لله، لأنه سعي بغير أمره وبغير شعائر.

ومن مظاهر توحيد الله في الحج: ما شرعه الله في يوم العيد وأيام التشريق. قال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (٢) وذكر الله في هذه الأيام يتجلى في الشعائر العظيمة التي تؤدى في أيام منى، من رمي الجمار، وذبح الهدي، وأداء الصلوات الخمس في هذا المشعر المبارك والأيام المباركة، كل هذه الأعمال ذكر لله عز وجل. فرمي الجمار ذكر لله، ولهذا يقول المسلم عند رمي كل حصاة: (الله أكبر)، وذبح الهدي ذكر لله عز وجل كما قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} (٣).


(١) سورة البقرة الآية ١٥٨
(٢) سورة البقرة الآية ٢٠٣
(٣) سورة الحج الآية ٢٨