للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن مظاهر هذا التوحيد في الحج: أن أعظم الذكر الذي يقال في يوم عرفة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) (١). كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (٢)». فهذا إعلان في هذا المجمع العظيم وفي هذا اليوم المبارك لتوحيد الله بالعبادة من خلال النطق بهذه الكلمة وتكرارها لأجل أن يستشعر الحاج مدلولها ويعمل بمقتضاها؛ فيؤدي أعمال حجه خالصة لله عز وجل من جميع شوائب الشرك.

ومن مظاهر توحيد الله في الحج: أن الله أمر بالطواف ببيته فقال تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٣) مما يدل على أن الطواف خاص بهذا البيت فلا يجوز الطواف ببيت غيره على وجه الأرض، لا بالأضرحة ولا بالأشجار والأحجار. ومن هنا يعلم الحاج أن كل طواف بغير البيت العتيق فهو باطل، وليس عبادة لله عز وجل، وإنما هو عبادة لمن شرعه وأمر به من شياطين الإنس والجن. .

ومن مظاهر توحيد الله في الطواف بالبيت العتيق: أن الطائف حين يستلم الركن اليماني والحجر الأسود يعتقد أنه يستلمهما لأنهما من شعائر الله فهو يستلمهما طاعة لله واقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما استلم الحجر وقبله: والله إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر. ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. ومن هنا يعلم المسلم أنه لا يجوز التمسح بشيء من الأبنية والأحجار إلا بالركن اليماني والحجر الأسود، فلا يتمسح بجدران الأضرحة ولا بغيرها، لأن ذلك مخالف لشرع الله ولأنها ليست من شعائر الله.


(١) رواه الترمذي ٥٧٢/ ٢.
(٢) سنن الترمذي الدعوات (٣٥٨٥).
(٣) سورة الحج الآية ٢٩