للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أهل الكتاب (١)» نبهه على ذلك ليتهيأ لمناظرتهم ويعد الأجوبة الصائبة لامتحانهم له؛ لأنهم أهل علم سابق بخلاف المشركين وعبدة الأوثان الذين لا علم عندهم. ومخاطبة العالم ليست كمخاطبة غيره، فالجاهل لا يصلح أن يكون داعية لأنه يهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، ويقف عند أدنى شبهة وينقطع عند أدنى خصومة، فلا يحصل المقصود. أو يتكلم بجهل أو يحكم بغير علم، والله تعالى قد حرم القول عليه بلا علم وجعله عديلا للشرك، وقد انتمى إلى الدعوة اليوم أناس لا علم عندهم فنخشى أن يحدثوا آثارا سلبية، فالواجب أن يقفوا عند حدهم ولا يدخلوا فيما ليس من اختصاصهم، وأن يستبدلوا بأهل العلم والبصيرة.

٢ - على الداعية أن يكون عاملا بما يدعو الناس إليه من الخير؛ لأن الناس ينظرون إلى عمله قبل أن يستمعوا إلى قوله، وقد ذكر الله سبحانه عن نبيه شعيب عليه السلام أنه قال لقومه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} (٢). قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله: يفهم من هذه الآية الكريمة أن الإنسان يجب عليه أن يكون منتهيا عما ينهى عنه غيره مؤتمرا بما يأمر به غيره، وقد بين سبحانه ذلك في مواضع أخر كقوله: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ} (٣) الآية. وقوله: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (٤) وفي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور بها كما يدور الحمار برحاه، فيتجمع عليه أهل النار فيقولون يا فلان ألست كنت تأمرنا


(١) صحيح البخاري الزكاة (١٤٥٨)، صحيح مسلم الإيمان (١٩)، سنن الترمذي الزكاة (٦٢٥)، سنن النسائي الزكاة (٢٤٣٥)، سنن أبو داود الزكاة (١٥٨٤)، سنن ابن ماجه الزكاة (١٧٨٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٣٣)، سنن الدارمي الزكاة (١٦١٤).
(٢) سورة هود الآية ٨٨
(٣) سورة البقرة الآية ٤٤
(٤) سورة الصف الآية ٣