للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمعروف وتنهانا عن المنكر. فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه (١)» وقد قال الشاعر:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم

٣ - على الداعية أن يكون مخلصا لله في دعوته لا يريد بها رياء ولا سمعة ولا مدحا من الناس ولا إظهارا لنفسه. وإنما يريد إظهار دين الله وإعلاء كلمته، ونفع المدعوين وهدايتهم إلى الخير وهذا يؤخذ من قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} (٢) سورة يوسف آية ١٠٨. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله: فيها التنبيه على الإخلاص لأن كثيرا ولو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه - يعني أنه يريد الظهور والمدح من الناس، وهذا ينافي الإخلاص.

٤ - على الداعية أن يتحلى بالصبر والحلم لأنه سيتعرض في سبيل الدعوة لمشاق وسيواجه صعوبات، وما لم يتحل بالصبر والحلم فإنه سيقف في أول الطريق. ولهذا لما أمر الله نبيه محمد بالدعوة أمره بالصبر فقال: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} (٣). وقال لقمان لابنه: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (٤).

٥ - على الداعية أن يوقن بأن العاقبة الحميدة للحق ولو تأخرت، ولا يقنط ولا ييأس من حصول النتائج الحميدة، ولو على الأقل إقامة الحجة وبراءة الذمة. كما ذكر الله سبحانه عن الذين أنكروا على أصحاب السبت فعلتهم الشنيعة وقال لهم من قال: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (٥). قال الإمام الشوكاني - رحمه الله: أي موعظتنا معذرة إلى الله حتى لا يؤاخذنا بترك الأمر


(١) صحيح البخاري كتاب بدء الخلق (٣٢٦٧)، صحيح مسلم الزهد والرقائق (٢٩٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٠٥).
(٢) سورة يوسف الآية ١٠٨
(٣) سورة النحل الآية ١٢٧
(٤) سورة لقمان الآية ١٧
(٥) سورة الأعراف الآية ١٦٤