للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أجاب ابن القيم عن الاستدلال بالإجماع مبينا وجوه نقضه فقال: وبيان هذا من وجوه:

أحدها: ما رواه أبو داود وغيره من حديث حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - " إذ قال: أنت طالق ثلاثا بفم واحد، فهي واحدة " وهذا الإسناد على شرط البخاري. . وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن أيوب قال: دخل الحكم بن عيينة على الزهري بمكة، وأنا معهم، فسألوه عن البكر تطلق ثلاثا؟ فقال: سئل عن ذلك ابن عباس، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو، فكلهم قالوا: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، قال: فخرج الحكم وأنا معه فأتى طاوسا وهو في المسجد، فأكب عليه فسأله عن قول ابن عباس فيها، وأخبره بقول الزهري، قال: فرأيت طاوسا رفع يديه تعجبا من ذلك وقال: والله ما كان ابن عباس يجعلها إلا واحدة.

أخبرنا ابن جريج قال: وأخبرني حسن بن مسلم عن ابن شهاب أن ابن عباس قال: " إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا، ولم يجمع، كن ثلاثا، قال: فأخبرت طاوسا، فقال: أشهد ما كان ابن عباس يراهن إلا واحدة ".

فقوله: " إذا طلق ثلاثا ولم يجمع كن ثلاثا " أي إذا كن متفرقات، فدل على أنه إذا جمعهن كانت واحدة، وهذا هو الذي حلف عليه طاوس أن ابن عباس كان يجعله واحدة، ونحن لا نشك أن ابن عباس صح عنه خلاف ذلك، وأنها ثلاث، فهما روايتان ثابتتان عن ابن عباس بلا شك.

الوجه الثاني: أن هذا مذهب طاوس، قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان لا يرى طلاقا ما خالف وجه الطلاق، ووجه العدة، وأنه كان يقول: يطلقها واحدة، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا إسماعيل بن علية عن ليث عن طاوس وعطاء أنهما قالا: " إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فهي واحدة ".

الوجه الثالث: أنه قول عطاء بن أبي رباح، قال ابن أبي شيبة: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا إسماعيل عن قتادة عن طاوس وعطاء وجابر بن زيد أنهم قالوا: " إذا طلقها ثلاثا