اللأواء: الشدة.
فيجيبه كعب بن مالك من قصيدة طويلة:
قضي يوم بدر أن نلاقي معشرا ... بغوا وسبيل البغي بالناس جائر
وقد حشدوا واستنفروا من يليهم ... من الناس حتى جمعهم متكاثر
وسارت إلينا لا تحاول غيرنا ... بأجمعها كعب جميعا وعامر
وفينا رسول الله والأوس حوله ... له معقل منهم عزيز وناصر
وجمع بني النجار تحت لوائه ... يمشون في الماذي والنقع ثائر
الماذي: بتشديد الياء: الدرع، النقع: الغبار.
بهذه الأبيات يبين كعب بغي قريش، وأنها حشدت واستنفرت وسارت بكل من تناسل من كعب وعامر تريد بذلك القضاء على الأوس والخزرج، وقد كانت الأوس المعقل الذي احتمى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم الذين آزروه ونصروه، وقد استظلت جموع بني النجار (وهم من الخزرج) بلوائه ومشوا في دروعهم وسط الغبار المتكاثف يصدون الجموع الكثيفة التي ألقت بها إليهم لؤي: من كعب وعامر.
وسكت كعب عن ذكر الأبطال القرشيين المسلمين الذين ذكرهم ضرار فلم يتناول مواقفهم وبطولاتهم بل لم يذكر للمهاجرين موقفا في قصيدته هذه، ولم يكن كعب يقصد بهذا السكوت الغض من شأن المهاجرين أو الإنقاص من مواقفهم في بدر ولكن الرد على ضرار هو الذي فرض على كعب هذا الموقف.
وفي أبيات أخرى يفخر بالقوة الضاربة للمسلمين تلك القوة التي ضربت عظماء لؤي وحلفاءهم فهووا لمناخرهم حيث يكر المسلمون، وداس المسلمون بالصوارم أبناء لؤي وحلفاءهم فقال:
ضربناهم حتى هوى في مكرنا ... لمنخر سوء من لؤي عظيمها
فولوا ودسناهم ببيض صوارم ... سواء علينا حلفها وصميمها
الحلف: الحليف، والصميم: من يرجع إلى لؤي أصلا.
ويسترسل كعب في مفاخره فيفخر بالفضائل التي عرف بها الأنصار: فهم لا يرون القتل عارا على من يحمي حماه، وهم صبر على الحوادث لا يبكون على هالك يموت في المعارك، وهم أبناء الحرب لا يجزعون مما تجره من ويلات.