(١) إتيان الرب تبارك وتعالى، يشير إلى أن القدم صفه له، لأنه إن كان إسما لمن قدمهم للنار من شرار خلقه، كان تقديم إدخالهم في النار أولى من تأخيرهم إلى آخر الدخول، وما كان لإتيان الرب معنى إلا إذ أوله المأول بإتيان أمر الرب على حذف المضاف، بالرأي ودون دليل، فلم تظهر لهذا الأمر فائدة أيضا، لأن من دخل النار لم يدخل إلا بأمره.
(٢) تفسير القدم بالرجل في الرواية الثانية يظهر أن اللفظين يثبتان صفة حقيقية واحدة لله تعالى.
(٣) قول ابن عباس: " حتى وجدت (أي النار) مس ما وضع عليها " و " حتى وجدت مس قدم الله تعالى ذكره " صريح في إثبات القدم حيث ذكر له أن النار وجدت منه مسا حينما وضع عليها، ذلك بعدما نفد من كان عليه دخول النار.
(٤) جاء في الحديث بعد ذكر وضع الرجل والقدم، وامتلاء النار وانزواء بعضها إلى بعض: ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا، قال الحافظ ابن حجر:" فإن فيه إشارة إلى أن الجنة يقع امتلاؤها بمن ينشئهم الله لأجل ملئها، وأما النار فلا ينشئ لها خلقا بل يفعل فيها شيئا عبر عنه بما ذكر يقتضي لها أن ينضم بعضها إلى بعض "(١).
وفيما سبق ذكرنا ما أثبت الله لنفسه على لسان نبيه من صفة القدم إجراء للفظ على ظاهره ولا نتخيل فيها مشابهة المخلوقين فنئولها، ولا ندرك حقيقتها فنكيفها، ولا يحملنا عدم معرفة كنهها أن ننكرها.
وبعد هذا ينبغي أن ننظر إلى تأويل المئولين لنعرف مدى معارضة نصوص الأحاديث فنقول:
أما التأويل الأول والثاني - وهما أن يراد بالقدم: الذين قدمهم الله من شرار خلقه، وهم الذين سبق في علم الله أنهم من أهل النار - فيندفعان بسياق