للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمعنى ابتداء الخلق، بدليل قوله: " فيلقون فيها وتقول: هل من مزيد، وأعادها ثلاث مرات، ثم قال: حتى يضع فيها قدمه، فحينئذ تمتلئ، فالذي يملؤها حتى تقول: حسبي هو القدم كما هو صريح الخبر " (١).

الثالث: وهناك وجه آخر وهو أن وضع القدم ذكر بعد الإنشاء والإلقاء، فينبغي أن يكون الإنشاء ووضع القدم متغايرين، لأن الإنشاء لا يخلو من ثلاثة أوجه:

الأول: أن يكون الإنشاء بمعنى ابتداء الخلق، وهو لا يراد لما سبق نقله عن ابن حجر.

الثاني: أن يكون الإنشاء الإدخال، فلا يفيد في تأييد التأويل المنقول عن الحسن.

الثالث: أن يكون الإنشاء بمعنى إنشائهم بما عملوا في الدنيا من موجبات النار، فلا يفيد أيضا للتأييد المذكور، فيستقل القدم بمعنى مغاير للإنشاء وهو أن يكون صفة لله تعالى.

وأخيرا أذكر طريق السلف في الصفات فقد قال ابن حجر: " هو أن تمر كما جاءت، ولا يتعرض لتأويله، بل نعتقد استحالة ما يوهم النقص على الله " (٢) وهذا اختيار جماعة من اللغويين الأوائل الكبار أمثال أبي عبيد ومشايخه، والأزهري وغيرهم، فقد نقل الأزهري بعد ذكر حديث وضع القدم تأويل الحسن ثم علق عليه فقال: " وأخبرني محمد بن إسحاق السعدي عن العباس الدوري أنه سأل أبا عبيد عن تفسيره وتفسير غيره من حديث النزول والرؤية، فقال: " هذه أحاديث رواها لنا الثقات عن الثقات حتى رفعوها إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وما رأينا أحدا يفسرها، فنحن نؤمن بها على ما جاءت


(١) فتح الباري (١٣/ ٤٣٧).
(٢) فتح الباري (١٣/ ٤٣٦). .