للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما التأويل الرابع - وهو تأويل الجبار - في قوله صلى الله عليه وسلم: (حتى يضع الجبار فيها قدمه) (١). بأنه أحد الجبابرة أو أنه إبليس لأنه أول من تكبر (٢). فتأويل بعيد لما سبق من ألفاظ الأحاديث وهي: " فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها " و " وضع الرحمن قدمه فيها " و " حتى وجدت مس قدم الله تعالى ذكره " بدل لفظ الجبار.

وأما التأويل الخامس - وهو كون الرجل لأحد الجبابرة - ففرع عن ثبوت التأويل الرابع، فإذا بطل الأصل بطل الفرع.

وأما التأويل السادس - وهو إرادة الجماعة الذين خلقوا للنار بالرجل - فيبطل بما بطل به التأويل الأول والثاني.

وأما ما استدل به القاضي عياض - على تأييد ما نقل عن الحسن البصري من التأويل - من حديث أخرجه البخاري في كتاب التوحيد ولفظه: «وأن الله ينشئ للنار من يشاء ويلقون فيها، فتقول: هل من مزيد ثلاثا، حتى يضع فيها قدمه فتمتلئ (٣)» فلا يؤيد التأويل المذكور لوجوه:

الأول: قال الحافظ بن حجر: " وقد قال جماعة من الأئمة، إن هذا الموضع مقلوب، وجزم ابن القيم بأنه غلط، واحتج بأن الله تعالى أخبر بأن جهنم تمتلئ من إبليس وأتباعه، وكذا أنكر الرواية شيخنا البلقيني واحتج بقوله {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (٤) ثم قال: " وحمله على أحجار تلقى في النار أقرب من حمله على ذي روح يعذب بغير ذنب ".

الثاني: وأضاف الحافظ فقال: " ويحتمل أن يراد بالإنشاء ابتداء إدخال الكفار النار، وعبر عن ابتداء الإدخال بالإنشاء، فهو إنشاء الإدخال، لا الإنشاء


(١) التوحيد لابن خزيمة (٩٢).
(٢) انظر فتح الباري (٨/ ٥٩٦)
(٣) البخاري مع الفتح (١٣/ ٣٤٣) حديث رقم (٧٤٤٩).
(٤) سورة الكهف الآية ٤٩