للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن كثير بعد تفسير هذه الآية: " وقد وردت أحاديث كثيرة متعلقة بهذه الآية الكريمة، والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف " (١). .

ثم ذكر أحاديث الأصابع.

وقال ابن خزيمة في " باب إثبات الأصابع لله عز وجل " بعد ذكر أحاديث الأصابع: " والصواب والعدل في هذا الجنس مذهبا، مذهب أهل الآثار ومتبعي السنن، واتفقوا على جهل من يسميهم مشبهة، إذ الجهمية المعطلة جاهلون بالتشبيه. . . كيف يكون مشبها من يثبت لله أصابع على ما بينه النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم للخالق البارئ " (٢) قلت: لأنه لا مشابهة بين أصابع الرحمن، وأصابع الإنسان سوى اتفاقهما في الاسم ولا يكون تشبيها إلا إذا قسنا أصابعه بأصابعنا، فأما إذا أثبتناها له من غير تمثيل ولا تكييف يكون كإثباته لذاته " نفسا " ولبعض مخلوقاته " نفسا " حيث قال على لسان عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (٣).

فيقال: نفس لا كنفس، ومثله يقال: أصابع لا كأصابع، ويدان لا كيدين، وهكذا في كل ما ثبت عن الله تعالى في وصف نفسه، وكذا فيما أثبت له رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما ما لم يثبت فالخوض فيه ضلال.


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٦٣)
(٢) التوحيد لابن خزيمة (٨٢ - ٨٣). .
(٣) سورة المائدة الآية ١١٦