للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد فطن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعوهم إلى مكانة السنة في التشريع وأهميتها في الدين، فجدوا في طلبها والمحافظة عليها، وذلك امتثالا لأمر الله واستجابة لما ورد في القرآن الكريم من أوامر وتوجيهات توجب على المسلمين التفاني في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وامتثال أوامره المتضمنة في سنته صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} (١). وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٢). وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (٣).

ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من التنكر لسنته وإهمال العمل بها، وذلك في الحديث الشريف الذي أخرجه الترمذي بسنده من حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله (٤)».

ولقد امتثل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعوهم لهذا التوجيه الكريم فكانوا يزجرون كل من تسول له نفسه التنكر لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ترك العمل بها، ويدلنا على ذلك ما أورده السمعاني من حديث عمران بن الحصين حيث قال: " إنهم كانوا يتذاكرون الحديث، فقال رجل: دعونا من هذا وحدثونا بكتاب الله. فقال له عمران: إنك أحمق، أتجد في كتاب الله الصلاة مفسرة؟


(١) سورة الأنفال الآية ٢٠
(٢) سورة النساء الآية ٦٥
(٣) سورة النساء الآية ٨٠
(٤) أخرجه الترمذي في كتاب العلم، باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم ١٠/ ١٣٢. قال الترمذي حديث حسن غريب من هذا الوجه (من عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي).