للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيضا عن جده الشيخ مجد الدين وغيره، اهـ.

وقال أيضا (١): الفصل الخامس فيمن قال بهذا القول وأفتى به، وبعد أن ذكر ما سبق ذكره عن ابن القيم من أعلام الموقعين، قال: قلت وقد كان يفتي به فيما يظهر لي ابن القيم، وكان يفتي به شيخ الإسلام ابن تيمية - رضي الله عنه - بلا خلاف، وكان يفتي به جدنا جمال الدين الإمام، ولم يرو عنه أنه أفتى بغيره.

قلت: وقد كان يفتي في زماننا الشيخ علي الدواليبي البغدادي، وجرى له من أجله محنة ونكاية فلم يدعه وقد سمعت بعض شيوخنا يقويه، وظاهر إجماع (٢) ابن حزم أنه إجماع لكن لم يصرح به. اهـ.

وقد استدل لهذا المذهب بالكتاب والسنة والإجماع والأثر والقياس.

الدليل الأول قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٣). إلى قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٤).

وجه الاستدلال: قال ابن عبد الهادي (٥): قال الشيخ جمال الدين الإمام في أول أحد كتبه: فقد حكم الله تعالى في هذه الآيات الكريمات في هذه المسألة ثلاثة أحكام، فمن فهمها وتصورها على حقيقة ما هي عليه - وقد أراد الله هدايته إلى قبول الحق إذا ظهر له - صح كلامه.

واعلم أن كتاب الله نص صريح. . . أن الطلاق الثلاث واحدة شرعا لا يحتمل خلافا صحيحا، وهذا هو النص شرعا، فإن كل كلام له معنى لا يحتمل غيره فهو نص فيه، فإن كان لا يحتمل غيره لغة فهو نص لغة، وإن كان لا يحتمل غيره شرعا فهو نص شرعا، وكتاب الله في هذه الآيات لا يحتمل شرعا غير أن الطلاق الثلاث واحدة. . . والألف واللام في قوله {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (٦) للعهد والمعهود هنا هو الطلاق المفهوم من قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٧)، وهو الرجعي بقوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (٨) فصار المعنى: الطلاق الذي الزوج أحق فيه بالرد مرتان فقط، فقد تقيد الرد الذي كان مطلقا في كل مرة من الطلاق بمرتين منه فقط فلم يعرف (٩)، ولا فرق في الآية بين قوله في كل مرة: طلقتك واحدة، أو ثلاثا، أو ثلاثين ألفا.

ثم قال فصل: الكلام هنا على معنى الآيات الكريمات في حكم الطلاق الثلاث جملة سواء كانت ثلاث مرات أو مائة مرة أو ثلاثين ألفا.


(١) سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث ضمن مجموعة علمية ٨٢ - ٨٣.
(٢) قبله " وظاهر إجماع ابن حزم. . الخ " هكذا بالأصل المطبوع.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٢٨
(٤) سورة البقرة الآية ٢٣٠
(٥) سير الحاث / ٩٠ وما بعدها ويرجع إلى ما ذكره ابن القيم في الإغاثة: ١/ ١.٣
(٦) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٧) سورة البقرة الآية ٢٢٨
(٨) سورة البقرة الآية ٢٢٨
(٩) قوله " يعرف " كذا في الأصل المطبوع.