للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال شعبة: لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ " (١).

أما عن أحاديث أهل الغفلة فقد أورد الخطيب أيضا من قول ابن عباس رضي الله عنه ما يلي: " لا يكتب عن الشيخ المغفل " (٢).

١٤ - رد رواية أهل المجون والخلاعة والالتزام بالأخذ عن المشهورين المشهود لهم بطلب الحديث مع تجنب التحديث إلا بعد الحفظ والإتقان، ويظهر لنا كل ذلك فيما أورده الخطيب البغدادي في مؤلفه الكفاية حيث يقول:

" كانوا إذا أرادوا أن يأخذوا عن رجل نظروا إلى صلاته وإلى سمته وإلى هيئته. . . حدثنا العباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين، وذكرت له شيخا كان يلزم سفيان بن عيينة يقال له ابن مناذر، فقال: أعرفه كان صاحب حديث، وكان يتعشق ابن عبد الوهاب الثقفي ويقول فيه الأشعار، ويشبب بالنساء، وطردوه من البصرة، وكان يرسل العقارب في المسجد حتى تلسع الناس، وكان يصب المداد بالليل في المواضع التي يتوضأ منها حتى يسود وجوه الناس، ليس يروي عنه رجل فيه خير. . . قال أبو نعيم: لا ينبغي أن يؤخذ الحديث إلا عن حافظ له، أمين عليه، عارف بالرجال، ثم يأخذ نفسه بدرسه وتكريره حتى يستقر له حفظه، ويجب أن يتثبت في الرواية حال الأداء، ويروي ما لا يرتاب في حفظه، ويتوقف عما عارضه الشك فيه. . .

وعن محمد بن سيرين قال: التثبت نصف العلم. . . . وحدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: رأيت أبا مسهر يكره للرجل أن يحدث إلا أن يكون عالما بما يحدث ضابطا له. . . قال عبد الرحمن بن مهدي: محرم على الرجل أن يروي حديثا في أمر الدين حتى يتقنه ويحفظه كالآية من القرآن وكاسم الرجل. والمستحب له أن يورد الأحاديث بألفاظها؛ لأن ذلك أسلم. . . فإن كان ممن يروى على


(١) الكفاية: ١٤٢.
(٢) الكفاية في علم الرواية: ١٤٨.