فانتسخت كتابا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا في يدك يا عمر، قال: قلت: يا رسول الله، كتاب انتسخته لنزداد به علما إلى علمنا، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه، ثم نودي بالصلاه جامعة، فقالت الأنصار: أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم، السلاح السلاح، فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس، إني أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه، واختصر لي اختصارا، لقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ولا يقربكم المتهوكون، قال عمر: فقمت فقلت: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبك رسولا، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم».
ولم يكتف المسلمون بتجنب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحاشي الأخذ عن أهل الكتاب فقط، إنما ابتكروا مناهج رصينة وطرائق سديدة لتمحيص متون الأحاديث والاعتناء بأسانيدها قبل اعتمادها، ومن ذلك: طلب توثيق النص المروي بسند آخر أو شاهد للتأكد من سلامته، ونقد الحديث بعرضه على القرآن الكريم والسنة الثابتة، والتدقيق في طرق تحمل الحديث وأدائه ومذاكرة الحديث مع أهل الفهم والمعرفة ليتضح صحيحه من سقيمه، والتزام صحة السند والتشدد في ذلك؛ لأن صحة السند من أكبر الأدلة على صحة المتن، والتحذير من الأخذ عن الضعفاء والمجهولين والمتروكين، وأهل البدع والوضاعين وأشباههم، ومقارنة المكتوب بالأصل، وعرض الكتاب على الشيخ، وغير ذلك من المناهج الدقيقة التي تبطل دعوى تسرب الأساطير الوثنية من قبل أهل الكتاب أو غيرهم إلى السنة المقبولة. وفي ضوء هذه المناهج الدقيقة قام المحدثون بغربلة الأحاديث التي وصلتهم وتقسيمها إلى درجات متفاوتة من حيث القوة والضعف، وبهذه الطريقة أمكن معرفة صحيح الحديث من سقيمه.
كما قاموا بالتصدي للوضع والوضاعين، وكشفوا من مخططاتهم حتى أنهم أفردوا مصنفات خاصة للأحاديث الموضوعة لتحذير المسلمين من شرها.
أما الحديثان اللذان استشهد بهما فيليب حتى ليدلل بهما على عدم جدية