للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبما أن هذا الحديث موضوع فلا يحل لأحد من المسلمين نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الاستشهاد به أو العمل بما جاء فيه.

وعليه فإن المستشرق غيوم يكون قد استند على حديث موضوع، لا قيمة له في تهجمه على المحدثين الذين قاموا بجمع السنة النبوية الشريفة.

أما زعم غيوم أن سلطة الإجماع عند المسلمين تعادل سلطة المجامع الكنسية فهو محض افتراء؛ لأن المجامع الكنسية كما هو معروف لها السلطة المطلقة في التشريعات الدينية، بما في ذلك نسخ ما لا يروق لها من محتويات الأناجيل واستبداله بغيره على اعتبار أن روح القدس مازال يلهمهم ويسدد خطاهم، بجانب اعتقادهم أن رئيسهم البابا معصوم من الخطأ.

أما الإجماع عند المسلمين فهو المصدر الثالث للتشريع بعد القرآن والسنة، وهو بهذا لا ينسخ القرآن ولا الحديث، ولا يبطل أيا منهما، فكيف يدعي غيوم أن الإجماع عند المسلمين له سلطة النسخ والتمكن من إبطال مفعول نص قراني أو حديث نبوي كما تفعل المجامع الكنسية عند النصارى.

أما ادعاء كل من نيكلسون وغيوم أن السنة النبوية الصحيحة مليئة بالمتون المتعارضة بصورة أعيت المحدثين وحيرتهم فهو ادعاء باطل، ويظهر بطلان هذا الادعاء في ضوء الحقائق التي أوردناها آنفا في هذا البحث، والتي تدل على أن معظم الأحاديث الشريفة الصحيحة محكمة. أما المختلف فهو قليل ومع قلته فقد تصدى له جهابذة العلماء والمحدثون، ووفقوا في تأويله بصورة مقنعة، كما فعل ابن قتيبة في تأويله لكثير من الأحاديث التي ظاهرها التعارض بما في ذلك الأحاديث التي استشهد بها غيوم ونيكلسون وزعموا أنها أعيت المحدثين وأربكتهم.

ولقد رأينا أيضا كيف تعامل المحدثون مع الأحاديث المتعارضة كالشاذ والمحفوظ والمنكر والمعروف والمضطرب والناسخ والمنسوخ، وأصدروا الأحكام الصائبة في كل حالة حيث قبلوا المحفوظ والمعروف وردوا كلا من الشاذ