للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ضوء هذا الهدي المبين، والسنن التي لا تتخلف يجب دفع الصائل أو المعتدي، ولا شك أن ذلك نوع من أنواع الجهاد.

وفي الفقه الإسلامي مباحث مستفيضة لا تجيز دفاع الصائل فحسب، بل توجب هذا الدفع وتحتمه. فإن الرضى بالضيم يتناقض مع عزة المؤمن، ويتناقض مع مسئولية المجاهدة الدائمة للظلم في الأرض.

ويمكن تسمية دفع الصائل بأنه " الدفاع الشرعي عن النفر والمال والعرض والبيت أو الوطن، أو هو الدفاع المشروع عن الغير في كل هذه الأمور ".

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد (١)».

إن إنفاذ البصر إلى بيت ما - تلصصا - يجيز إنزال أشد العقوبات بالعين الصائلة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح (٢)» فكيف بمن يحتل الديار، وكيف بمن يهدد الأوطان؟

ولا شك في أن النظام العراقي نظام صائل باغ، ويجب أن يدفع وأن يجاهد وإلا فإن الأمة كلها تأثم حين لم يقم من بينها من ينهض بواجب دفع الصائل أو المعتدي، وهو النظام العراقي في هذه الحال: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (٣).

إن المملكة العربية السعودية لم تتردد في مجاهدة الصائل المعتدي لأنها دولة قامت على الجهاد، وبه توطدت أركانها ولا غرو، فإن بلاد الحرمين الشريفين هي الموطن الأول للجهاد، ففيها نزلت آيات الجهاد، وفوق ثراها فرض الجهاد


(١) صحيح البخاري المظالم والغصب (٢٤٨٠)، صحيح مسلم الإيمان (١٤١)، سنن الترمذي الديات (١٤١٩)، سنن النسائي تحريم الدم (٤٠٨٧)، سنن أبو داود السنة (٤٧٧١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٠٦).
(٢) صحيح البخاري الديات (٦٨٨٨)، صحيح مسلم الآداب (٢١٥٨)، سنن النسائي القسامة (٤٨٦١)، سنن أبو داود الأدب (٥١٧٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٢٨).
(٣) سورة الأنفال الآية ٧٣