للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما أكثر ما تغنى الشاعر ببسالة قومه في الغزوات حتى وهو في موطن الرثاء ففي إحدى مرثياته لحمزة شهيد أحد يقول:

غداة أجابت بأسيافها ... جميعا بنو الأوس والخزرج

فما برحوا يضربون الكماة ... ويمضون في القسطل المرهج

القسطل: الغبار، المرهج: الذي علا في الجو.

ولم يقصر كعب فخره بقومه على مواقفهم في الحروب بل افتخر بهم في السلم حين تجدب الأرض ويجف الزرع والضرع فتراهم الكرماء وذلك في قوله:

فإن تسألي ثم لا تكذبي ... يخبرك من قد سألت اليقينا

بأنا ليالي ذات العظام ... كنا ثمالا لمن يعترينا

تلوذ البجود بأذرائنا ... من الضر في أزمات السنينا

الليالي ذات العظام: ليالي الجوع التي تجمع فيها العظام وتطبخ لاستخراج ودكها فيؤتدم به، الشمال: الغياث، يعترينا: يزورنا، تلوذ: تلجأ، البجود: جماعات الناس، الأذراء: الأكناف، الأزمات: الشدائد.

وهكذا يخاطب من يخاطب محبوبة أو غير محبوبة أنها إذا سألت عن قومه هنالك لا تكذب بل تخبر باليقين الذي تعرفه عن قومه، فهم الغوث لكل من يزورهم في تلك الليالي القاسية التي يجمع فيها الناس العظام ليطبخوها حيث فقدوا اللحم، وما أشد هذه الأيام التي تلجأ فيها جموع الناس إلى أكناف بيوتهم خوفا من الضر الذي يحيق بهم في السنين الشديدة التي لا تحتمل مجاعاتها.

حسبنا ما قدمنا من نماذج فخر كعب بقومه.