للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: أخبرنا عبد الرزاق - ح - وحدثنا عبد الحميد بن عبد العزيز قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس مثل الحديث الذي ذكرناه في أول هذا الباب، غير أنهما لم يذكرا أبا الصهباء ولا سؤاله ابن عباس - رضي الله عنهما - وإنما ذكرا مثل جواب ابن عباس - رضي الله عنهما - الذي في ذلك الحديث، وذكرا بعد ذلك من كلام عمر - رضي الله عنه - ما قد ذكرناه قبل هذا الحديث، فخاطب عمر - رضي الله عنه - بذلك الناس جميعا وفيهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورضي عنهم الذين قد علموا ما تقدم من ذلك في زمن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فلم ينكره عليه منهم منكر، ولم يدفعه دافع فكان ذلك أكبر الحجة في نسخ ما تقدم من ذلك لأنه لما كان فعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - جميعا فعلا يجب به الحجة كان كذلك أيضا إجماعهم على القول إجماعا يجب به الحجة، وكما كان إجماعهم على النقل بريئا من الوهم والزلل كان كذلك إجماعهم على الرأي بريئا من الوهم والزلل، وقد رأينا أشياء قد كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معاني فجعلها أصحابه - رضي الله عنهم - من بعده على خلاف تلك المعاني، لما رأوا فيه مما خفي على من بعدهم، فكان ذلك حجة ناسخا لما تقدمه، من ذلك تدوين الدواوين، والمنع من بيع أمهات الأولاد، وقد كن يبعن قبل ذلك، والتوقيت في حد الخمر ولم يكن فيه توقيت قبل ذلك، فلما كان ما عملوا به من ذلك ووقفنا عليه لا يجوز لنا خلافه إلى ما قد رأيناه مما تقدم فعلهم له، كان كذلك ما وقفونا عليها من الطلاق الثلاث الموقع معا أنه يلزم لا يجوز لنا خلافه إلى غيره مما قد روى أنه كان قبله على خلاف ذلك. اهـ المراد من كلام الطحاوي.

وقال الطحاوي بعد كلامه في النسخ (١): " ثم هذا ابن عباس - رضي الله عنهما - قد كان من بعد ذلك يفتي من طلق امرأته ثلاثا معا أن طلاقه قد لزمه وحرمها عليه.

حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: ثنا أبو حذيفة قال: ثنا سفيان عن الأعمش عن مالك بن الحارث قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثا؟ فقال: إن عمك عصى الله فأثمه الله وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجا، فقلت: كيف ترى في رجل يحلها له؟ فقال: من يخادع الله يخادعه. حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن محمد بن إياس بن البكير قال: طلق رجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها ثم بدا له أن ينكحها، فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له أبا هريرة وعبد الله بن عباس عن ذلك فقالا: لا نرى أن تنكحها حتى تتزوج زوجا غيرك، فقال: إنما كان طلاقي إياها واحدة، فقال ابن عباس: إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل، حدثنا يونس قال أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن يحيى بن سعيد أن بكير بن الأشج أخبره عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري أنه كان جالسا مع عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال: إن رجلا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فماذا تريان؟ فقال ابن الزبير إن هذا الأمر ما لنا فيه من قول، فاذهب


(١) شرح معاني الآثار ٣/ ٣٣.