للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجيوش متشجعا في قوله المشهور: " والله لو منعوني عقالا - وفي رواية عناقا - كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتهم عليه " (١).

فنشر الله راية الإسلام في الآفاق، وطهر الله قلوبا من النفاق، بسيف الجهاد الذي أشهر، وعزيمة المجاهدين المحتسبين، وتوفيق الله وإعانته، حيث حمت نفوس الرعيل الأول عن مطامع الدنيا، واستجابوا لله ولرسوله، لأنه نداء الحق، وأرخصوا أرواحهم من أجل دينهم، وبذلوا مهجهم وأموالهم، حتى تنتشر عقيدة الوحدانية لله، ويتغلب أمره سبحانه على طغيان الهوى، ونداء الشيطان.

أما بعد:

فمثلما أن كثيرا من الألفاظ العربية قد جد فيها مع نور الإسلام مفاهيم اقترنت به، حيث أخذ بعضها معنيين: دلالة لغوية، ودلالة شرعية. . فكذلك كلمة الجهاد، قد اشتركت مع القتال في الدلالة اللغوية، حسب معناها في لغة العرب، وفي الجهود الظاهرة من حيث العدة والسلاح، والتهيؤ والحماسة، لكنهما تختلفان في المفهوم العميق، والمقاصد التي قام الجهاد من أجلها، كما يتباينان في الهدف ونوعية الدلالة المرتبطة بالنية والإخلاص.

كما يبرز دور الجهاد الذي اقترن بعقيدة الإسلام، من حيث المؤثرات والأسباب والمسببات، والمفهوم القتالي حسبما هو سائد في العرف العربي: يعني الشجاعة والصلابة، وطلب الشهرة، وحب التسلط، لكي يتحصل المقاتل على ذكر حسن ومحمدة في قومه. وقد يدفعه اعتداده بقوته إلى فرض ما يريد بالقوة مهما كانت النتائج، وبأي مظهر من مظاهر الحياة التي يمقتها الإسلام لمنافاة ذلك لعدالته، ولمكانته السامية المفهومة من مشروعيته، لأي عبادة من العبادات فيه، حيث يفهم منها معنى اجتماعيا رفيعا بعد الأساس، وهو الطاعة لله ولرسوله.

أما الجهاد الذي أصبح مسماه ودلالته، من العبارات الجديدة في قاموس المصطلح الشرعي، حسبما جاء في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


(١) من كلام الصديق في حروب الردة انظر البداية والنهاية ٦: ٣١١.