للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عطاء بن أبي رباح، عن واصل بن عطاء (١).

والسنة النبوية، توجه النفس البشرية للمنهج السليم الذي يجب أن يسلك في الجهاد، حتى يعود عليها هذا العمل بالفهم الجيد، وعلى المجتمع الإسلامي بالنفع العميم، يقول صلى الله عليه وسلم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، الذي رواه أبو داود والنسائي: «الغزو غزوان، فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسر الشريك، واجتنب الفساد، فإن نومه ونبهه أجر كله، أما من غزا فخرا ورياء وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنه لا يرجع بالكفاف (٢)».

ومن حرص المتفقهين في دين الله من هذه الأمة في التوقي لأنفسهم، حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها، وينحرفوا عن الطريق الذي رسمته شريعة الإسلام في مباعدة مفهوم القتال دفاعا عن الدين، عن معهودهم في القتال الذي يسود بين القبائل، ويتبارى فيه الفرسان لنيل المحمدة الدنيوية، والذكر الحسن، يهتمون بمثل هذا الحديث الذي يوضح فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يجب أن تتحلى به النفس المجاهدة، من نية صادقة، وإخلاص في العمل، لأن الله لا يقبل إلا ما كان خالصا لوجهه، ومرادا به رضاه، فقد روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للذكر، ويقاتل ليحمد، ويقاتل ليغنم، ويقاتل ليرى مكانه. فمن في سبيل الله؟! قال البشير صلى الله عليه وسلم: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله (٣)» رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود والترمذي.

ومن هذا المفهوم الاعتقادي، كانت حياة المسلمين العارفين بذلا، وأعمالهم جهادا، لأن قلوبهم كانت مشبعة بحب الحروب، لا رغبة في التسلط، أو تعطشا


(١) مصنف ابن أبي شيبة ٥: ٣٤٢.
(٢) انظر جامع الأصول ٢: ٥٧٦.
(٣) انظر جامع الأصول ٢: ٥٨١ والفظ للنسائي وأبي داود.