للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يراد إدخاله من زيف وتضليل على منهج الإسلام النقي، وقد كانت القدوة التي يجب أن تحتذى في العمل هي ما سارت عليه القرون الثلاثة الأولى من عصور الإسلام، وما أدوه من جهود مخلصة في نشر الإسلام في أنحاء الأرض، وما بذلوه من جهود في الاهتمام بأن تكون كلمة الله هي العليا، وإبراز صورة الإسلام المشرقة في تأمين النفوس، والمحافظة على الممتلكات والأعراض، ورفع الظلم، ونشر العدالة، كجزء من مهمة الجهاد في سبيل الله، حسبما تعنيه دلالة الكلمة من مقصد كريم هي المقصد الذي اشرأبت إليه أعناقهم.

وقد تأسى بهم من جاء بعدهم في الفهم وحسن التطبيق، فحقق الله على أيديهم النصر والتأييد كما حصل لصلاح الدين الأيوبي مع الصليبيين، ولذا نص بعض العلماء على أن القرون الثلاثة الأولى هي المعنية بالخيرية في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير أمتي القرن الذي بعثت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم - والله أعلم: أذكر الثالث أم لا؟ - قال: ثم يخلف قوم يحبون السمانة، يشهدون قبل أن يستشهدوا (١)»، وهم أكثر من أدرك المغزى الكبير لمفهوم الجهاد نحو النفس، ودوره في أداء الأمانة بنشر دين الله في الآفاق، وما يجب أداؤه نحو أمم الأرض قاطبة، سواء أكانوا قادة أو مقودين، وسواء أكانوا علماء أو متعلمين. . حيث لا يزهد في الجهاد إلا خاسر، ولا يحرص عليه إلا من عرف حقيقة دينه، وأداء واجباته عملا بصدق وإخلاص نية، فاتسعت رقعة الإسلام في المعمورة، وتزايد عدد الداخلين في دين الله عن رغبة ومحبة.

وبهذا المفهوم انتشر دين الله، ودخلت أمم الأرض في الإسلام، وأحبته وجاهدت من أجل نشره لدى غيرهم، لأن من حقائقه أن يكون الراغب في


(١) انظر جامع الأصول ٨: ٥٥٠.