للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه الحج والعمرة (١)» رواه أحمد وابن ماجه وإسناده صحيح.

ومن هنا اشترط الفقهاء في المجاهد أن يكون: ذكرا مسلما حرا، مكلفا صحيحا، واجدا ما يكفيه وأهله في غيبته - بملكه أو ببذل الإمام - ولا تنازع بينهم في عدم وجوبه على الأنثى (٢).

ومع هذا، فإن المرأة تحب المشاركة بقدر طاقتها، ووفق شريعة الإسلام بإنزالها مكانها اللائق بها، رغبة في نيل الفضل الجزيل من الجهاد، والمشاركة فيما فيه مصلحة لعقيدة الإسلام، ونشر دين الله كما أمر الله، فقد كان منصور بن عمار الواعظ، يذكر الناس يوما، ويحثهم على الجهاد في سبيل الله، ويبين لهم مكانته في عز الإسلام، وقوة المسلمين وما أعده الله من جزاء، فأثر في الناس، وتسابقوا في البذل، وتسجيل أنفسهم للتهيؤ مشاركة بالنفس ومجاهدة بالمال، وكان يحضر مجلسه بعض النساء في مكان خاص بهن، لرغبتهن في الخير، فسقط بين يديه وهو في مجلسه لفافة، ولما فتحت إذا ورقة مربوطة في جديلة شعر، وهي من امرأة تقول: لقد سمعت كلامك في الجهاد، والحث على المشاركة، وما يعنيه المفهوم الشرعي من مكانة رفيعة للجهاد في سبيل الله. ولما كنت طامعة في الأجر، ولكن المرأة لا جهاد عليها، فإنني لا أستطيع الجهاد بنفسي، ولا مال عندي فأدفعه لتجهيز الغزاة، حتى أنال مثل أجورهم، ولا أملك غير جديلة شعري هذه فقطعتها لتجعلها قيدا لفرس أو عقالا لناقة في سبيل الله.

وما هذا الإحساس الذي تمتلئ به بطون الكتب في فقه الإسلام، وتاريخ مسيرته، إلا نبع من قلوب صافية، وأذهان نيرة، واستجابة يدفعها الفهم الصحيح النابع عن علم ودراية، لما يجب أن يؤدى في سبيل الله، ومباعدة لما


(١) نيل الأوطار للشوكاني.
(٢) حاشية الروض لابن قاسم ٤: ٢٥٦.