للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد الصادق، وغيرهما من أهل البيت، وهو قول أهل الظاهر: داود وأصحابه، لكن منهم من لا يقول بتحريم الثلاث، ومن أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد من عرف أنه لا يقع مجموع الثلاث إذا أوقعها جميعا، بل يقع منها واحدة.

ولم يعرف قوله في طلاق الحائض، ولكن وقوع الطلاق جميعا قول طوائف من أهل الكلام والشيعة، ومن هؤلاء من يقول: إذا أوقع الثلاث جملة لم يقع به شيء أصلا، لكن هذا قول مبتدع لا يعرف لقائله سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وطوائف من أهل الكلام والشيعة، لكن ابن حزم من الظاهرية لا يقول بتحريم جمع الثلاث؛ فلذا يوقعها، وجمهورهم على تحريمها وأنه لا يقع إلا واحدة.

ومنهم من عرف قوله في الثلاث ولم يعرف قوله في الطلاق في الحيض، كمن ينقل عنه من أصحاب أبي حنيفة ومالك، وابن عمر روى عنه من وجهين أنه لا يقع، وروى عنه من وجوه أخرى أشهر وأثبت أنه يقع، وروى ذلك عن زيد.

وأما " جمع الثلاث " فأقوال الصحابة فيها كثيرة مشهورة: روى الوقوع فيها عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة وعمران بن الحصين وغيرهم، وروى عدم الوقوع فيها عن أبي بكر، وعن عمر صدرا من خلافته، وعلي بن أبي طالب وابن مسعود، وابن عباس أيضا، وعن الزبير، وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله تعالى عنهم أجمعين -.

قال أبو جعفر أحمد بن محمد بن مغيث في كتابه الذي سماه: " المقنع في أصول الوثائق وبيان ما في ذلك من الدقائق " وطلاق البدعة أن يطلقها ثلاثا في كلمة واحدة، فإن فعل لزمه الطلاق. . ثم اختلف أهل العلم بعد إجماعهم على أنه مطلق كم يلزمه من الطلاق؟ فقال علي بن أبي طالب، وابن مسعود - رضي الله تعالى عنهما -: يلزمه طلقة واحدة، وكذا قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -؛ وذلك لأن قوله: " ثلاثا " لا معنى له؛ لأنه لم يطلق ثلاث مرات، لأنه إذا كان مخبرا عما مضى فيقول: طلقت ثلاث مرات، يخبر عن ثلاث طلقات أتت منه في ثلاثة أفعال كانت منه، فذلك يصح، ولو طلقها مرة واحدة فقال: طلقها ثلاث مرات لكان كاذبا.

وكذلك لو حلف بالله تعالى ثلاثا يردد الحلف كانت ثلاثا أيمان، وأما لو حلف بالله تعالى فقال: أحلف بالله تعالى ثلاثا لم يكن حلف إلا يمينا واحدة، والطلاق مثله، قال: ومثل ذلك قال الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف روينا ذلك كله عن ابن وضاح، يعني الإمام محمد بن وضاح الذي يأخذ عن طبقة أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة ويحيى بن معين وسحنون بن سعيد وطبقتهم، قال: وبه قال من شيوخ قرطبة ابن زنباع شيخ هدى، ومحمد بن عبد السلام الخشني فقيه عصره، وابن بقي بن مخلد، وأصبغ بن الحباب، وجماعة سواهم من فقهاء قرطبة، وذكر هذا عن بضعة عشر فقيها من فقهاء طليطلة المتعبدين على مذهب مالك بن أنس.