للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهذا تكون المخدرات بذلك داخلة في عموم تحريم الخمر، وحتى لو قيل: إنها مفترة وليست مسكرة. فقد روي عن أم سلمة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر (١)».

وعلينا أن ندرك أن المخدرات كالخمر، حيث إن كليهما يخامر العقل ويحجبه، وأركان القياس على المخدرات تتماثل مع ما ينطرح على الخمر. فالمخدرات كالخمر في الإسكار وحجب العقل والذهاب به، تلك هي علة تحريم الخمر. لذلك ينسحب حكم الخمر - وهو التحريم - على المخدرات، لاشتراكهما في علة الحكم.

كذلك فإن في المخدرات من المفاسد والأضرار مثل ما في الخمر، من حيث إضاعة المال وإثارة العداوة والبغضاء بين الناس، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة. . فمتعاطي الخمر أو المخدرات كلاهما يفقد وعيه ويتصرف تصرفات طائشة تثير الشقاق والخلاف والعداوة والبغضاء، وكلاهما يكون في غفلة عن الصلاة وسائر التكاليف أثناء فقده الوعي، وفي ضوء ذلك فإن علة الحكم في الخمر وهي الإسكار تكون قد توفرت في المخدرات، لأنها تفعل فعل الخمر في حجب العقل وإذهابه، ويكون حكم الخمر وهو التحريم هو حكم المخدرات أيضا، فتكون المخدرات بجميع أنواعها حراما، لذلك فالنصوص التي تحرم كل مسكر ومفتر تنطرح على المخدرات مثلما تنطرح على أحكام المسكرات. وبهذا يتبين غلط من زعم عدم وجود نص في الكتاب والسنة يقتضي تحريم الحشيش وسائر المخدرات والعقاقير المخدرة الأخرى. . قال ابن تيمية رحمه الله: (وأما قول القائل أن هذه ما فيها آية ولا حديث فهذا من جهله، فإن القرآن والحديث فيهما كلمات جامعة هي قواعد عامة وقضايا كلية تتناول كل ما دخل فيها، فهو مذكور في القرآن والحديث باسمه العام وإلا فلا يمكن ذكر


(١) سنن أبي داود جـ ٤/ ٩٠ كتاب الأشربة حديث رقم ٣٦٨٦.