للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غفلة عن الصلاة وسائر التكاليف أثناء فقده الوعي؛ فيكون هذا دليلا على تحريم المخدرات. قال الذهبي في معرض حديثه عن الحشيشة: " وبكل حال فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله من الخمر المسكر لفظا ومعنى " (١).

الدليل الثالث: ما رواه أبو داود في سننه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أسكر كثيره فقليله حرام (٢)». فقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كل مسكر قليلا كان أو كثيرا وهو بعمومه يتناول المخدرات، لأنها مسكرة على ما ذكره أكثر المحققين من علماء الدين والطب.

هذا، وقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم كل مادة مسكرة خمرا سواء سميت بذلك في لغة العرب أو لم تسم به، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما: «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام ومن مات وهو يشرب الخمر يدمنها لم يشربها في الآخرة (٣)».

قال ابن تيمية رحمه الله: " ومذهب جمهور المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر العلماء أن كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام، وهذا مذهب مالك وأصحابه وأحمد بن حنبل وأصحابه، وهو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة وهو اختيار محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة واختيار طائفة من المشايخ " (٤).

وقال رحمه الله في كتابه " السياسة الشرعية ": [. . والأحاديث في هذا الباب كثيرة مستفيضة جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أوتي من جوامع الكلم كل ما غطى العقل وما أسكر ولم يفرق بين نوع ونوع، ولا تأثير لكونه مأكولا أو مشروبا. . وقد حدثت أشربة كثيرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم


(١) الكبائر ص ٩٧ ط بيروت ١٩٨٥م.
(٢) سنن أبي داود جـ ٤/ ٨٧ كتاب الأشربة حديث رقم ٣٦٨١.
(٣) سنن أبي داود جـ ٤/ ٨٥، ٨٦ كتاب الأشربة حديث رقم ٣٦٧٩.
(٤) مجموع فتاوى ابن تيمية جـ ٣٤/ ١٨٦.