للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدلائل العقلية الصريحة تعلن بتحريم الدخان. . وقد نهى الله عن كل مسكر، وإن قيل إنه لا يسكر فهو يخدر ويفتر أعضاء شاربه الباطنة والظاهرة. والمراد بالإسكار مطلق تغطية العقل وإن لم تكن معه الشدة المطربة ولا ريب أنها حاصلة لمن يتعاطاه أول مرة، وإن لم يسلم أنه يسكر فهو يخدر ويفتر. . وقد روى الإمام أحمد (١). وأبو داود (٢). عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ينهى عن كل مسكر ومفتر (٣)». قال العلماء: المفتر ما يورث الفتور والمخدر في الأطراف وحسبك بهذا الحديث دليلا على تحريمه، وأنه يضر بالبدن والروح ويفسد القلب ويضعف القوى ويغير اللون بالصفرة، والأطباء مجمعون على أنه مضر ويضر بالبدن والمروءة والعرض والمال وفيه التشبه بالفسقة لأنه لا يشربه غالبا إلا الفساق والأنذال ورائحة فم شاربه خبيثة) اهـ.

وفي موضع آخر (٤). من فتوى سماحته رحمه الله قال: وممن ذكر تحريمه من فقهاء الحنفية أيضا الشيخ محمد العيني ذكر في رسالته: تحريم الدخان والتدخين من أربعة أوجه:

أحدها كونه مضرا للصحة بإخبار الأطباء المعتبرين وكل ما كان كذلك يحرم استعماله اتفاقا.

ثانيها: كونه من المخدرات المتفق عليها عندهم المنهي عن استعمالها شرعا لحديث أم سلمة السابق (٥).

ثالثها: كون رائحته الكريهة تؤذي الناس الذين لا يستعملونه وعلى وجه الخصوص في مجامع الصلاة ونحوها، بل وتؤذي الملائكة المكرمين؛ روى مسلم في صحيحه (٦) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل من هذه البقلة الثوم، وقال مرة من أكل البصل والثوم والكرات فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم (٧)».


(١) في المسند جـ ٥/ ٩٦.
(٢) سبق تخريجه من أبي داود ص ١١ هامش ٤.
(٣) سنن أبو داود الأشربة (٣٦٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٠٩).
(٤) انظر ص ٢ من الرسالة.
(٥) انظر هامش ٢، ٣ نفس الصفحة.
(٦) جـ ١/ ٣٩٥ كتاب المساجد ومواضع الصلاة حديث رقم ٥٦٤ مسلسل ٧٤.
(٧) صحيح البخاري الأذان (٨٥٤)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٦٤)، سنن الترمذي الأطعمة (١٨٠٦)، سنن النسائي المساجد (٧٠٧)، سنن أبو داود الأطعمة (٣٨٢٢)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٨٧).